عدد أبيات القصيدة
الْيَأْسُ يَخْنُقُ حُبَّنَا قَبْلَ الذِّهَابْ
وَيَضُخُّ في الْقُبُلَاتِ جُرْعَاتِ اكْتِئَابْ
عِشْنَا مَعًا..
أَزْهَى عُصُورِ الْحُبِّ في إِدْمَانِنَا،
وَالْـمُدْمِنُ الْوَلْهَانُ بِالْعَدْوَى مُصَابْ
أَقْلَعْتُ مِنْ بَعْدَ انْتِهَاءِ غَرَامِنَا،
وَلَقِيتُ في عَيْنَيْكِ أَعْرَاضَ انْسِحَابْ
في الْأَرْضِ يَسْكُنُ حُبُّنَا،
وَتَعَلَّقَتْ أَحْلَامُنَا فَوْقَ السَّحَابْ
وَنَضِجُّ مِنْ عُمْقِ اخِتِلَافِ كَلَامِنَا
..مِنْ شِدَّةِ الْإِسْفَافِ نَسْتَجْدِي الْغِيَابْ
وَتَحَكُّمَاتُ الْغِيرَةِ الْعَمْيَاءِ
تَسْجُنُنَا مَعًا،
وَتَسُدُّ في وَجْهِ الْـمَحَبَّةِ أَلْفَ بَابْ
كُنَّا نُعَاقِبُ نَفْسَنَا
نُلْقي عَلَى الْبِنْزِينِ أَعْوَادَ الثِّقَابْ
هَلْ يَا تُرَى نَنْجُو بِهَذَا الْحُبِّ
مِنْ جَوِّ الْعِقَابْ
وَكَمَا تَعَوَّدْنَا نُحَطِّمُ بَعْضَنَا
مَنْ شَبَّ سَيِّدَتِي عَلَى شَيْءٍ..
تَمَلَّكَ طَبْعَهُ، وَعَلَيْهِ شَابْ
نَمْشِي إِلَى أَعْتَابِ لُقْيَانَا عَلَى مَضَضٍ،
وَلَا يَزْدَادُ في صَمْتِ الْحَيَاةِ
سِوَى الْعَذَابْ(١)
كَانَ التَّآلُفُ في انْتِظَامِ حُضُورِنَا،
وَالْآنَ أَصْبَحَ حُبُّنَا حُبَّ انْتِسَابْ(٢)
زَمَنُ الْبَرَاءَةِ في حِكَايَتِنَا انْتَهَى،
وَلَـمَسْتُ بَعْدَ الْفَقْدِ في الْحِضْنِ
اغْتِرَابْ
وَنَظَلُّ نَبْحَثُ في الْأَمَاكِنِ
عَنْ بَقَايَا الذِّكْرَيَاتِ،
وَكَيْفَ نَمْشِي في هُمُومِ طَرِيقِنَا
بَيْن الضَّبَابْ
كَانَتْ خَرَائِطُ حُبِّنَا
تَمْتَدُّ مِنْ (حَيِّ الْـمُقَطَّمِ) (لِلرِّحَابْ)(٣)
تُهْنَا..
لِأَنَّ الدِّفْءَ يَهْجُرُ حِضْنَنَا
أَهْلُ الْـمَحَبَّةِ وَحْدُهُمْ
في الْحُبِّ أَدْرَى بِالشِّعَابْ
وَجَلَسْتُ في الْـمَقْهَى أَمَامَكِ
بَعْدَمَا كُنَّا كَمَا الْعُشَّاقِ
صِرْنَا كَالصِّحَابْ
وَطَلَبْتِ مَشْرُوبَ (الشُّوكُولَا)،
وَاكْتَفَيْتُ بِقَهْوَةٍ،
وَبَدَأْتُ أَسْرُدُ مَا أُخَزِّنُ مِنْ عِتَابْ(٤)
فَكَسَرْتِ مَا بَيْنَ الْقُلُوبِ،
وَقَبْلَ أَنْ يَفْنَى الْكَلَامُ
أَدَرْتِ وَجْهَكِ،
وَانْتَهَيْتِ مِنَ الشَّرَابْ
وَتَرَكْتِ فَوْقَ صَحِيفَتِي
نِصْفَ الْحِسَابْ
وَلَـمَسْتُ خَدَّكِ فَابْتَعَدْتِ بِرَجْفَةٍ،
وَكَأَنَّ خَدَّكِ تَحْتَ غَزْوٍ،
وَاحْتِلَالٍ، وَانْتِدَابْ(٥)
وَتَغَيَّبَتْ عَيْنَاكِ عَنِّي فَتْرَةً..
تَبْكِينَ مِنِّي رُبَّمَا،
وَتُعَدِّلِينَ بِغُرْفَةِ الْـمِرْآةِ
مِنْ وَضْعِ الْحِجَابْ
وَتُغَادِرِينَ،
وَتَهْرُبِينَ مِنَ الْـمَكَانِ بِسُرْعَةٍ،
وَأَنَا أُحَاوِلُ أَنْ أُلَاحِقَ طَيْفَكِ الْـمَفْقُودَ
..يَخْدَعُنِي سَرَابْ
وَكَأَنَّ مَا بَيْنِي، وَبَيْنَكِ
فَصَّ مِلْحٍ بَيْنَ ذَاكِرَتِي، وَذَابْ
يَا مَنْ أَمُوتُ بِبُعْدِهَا
عُودِي إِليَّ..
فَهَلْ نَعُودُ لِرُشْدِنَا يَوْمًا،
وَنَفْعَلُ مَرَّةً عَيْنَ الصَّوَابْ
عُودِي إِلَيَّ الْآنَ مُسْرِعَةً؛
لِيَكْبُرَ حَبُّنَا
..بَعْدَ الرُّجُوعِ لِعَهْدِنَا
عُودِي إِليَّ؛ لِتَكْسَبِي
مِنْ بَعْدِ عَوْدَتِنَا الثَّوَابْ
كَيْفَ احْتَفَيْنَا بِالنَّهَايَةِ
كَيْفَ صِرْنَا لَا نُفَكِّرُ في اقْتِرَابْ
كَيْفَ انْتَهَتْ نَظَرَاتُنَا
وَأَمَامَنَا مَا لَذَّ مِنْ حُبٍّ، وَطَابْ
مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ الْجَوَابْ
المعاني:
(٢) انتظام، وانتساب: نظامان من أنظمة الالتحاق بالجامعات.
(٣) حيّ المقطّم: حي من أحياء القاهرة الشهيرة، الرحاب: مدينة مصرية صغيرة.
(٤) مشروب الشوكولا: مشروب الكاكاو الساخن.
(٥) انتداب: خضوع دولة لفترة تحت إشراف حكم دولة أخرى.