عدد أبيات القصيدة
لَا تَقْفِـلِي الْمَحْمُولَ؛ إِنِّي مُتْعَبٌ
وَأَنَـا مَلَلْتُ، وَمَلَّ هَاتِفُ مَنْزِلي(١)
رُدِّي عَلَيَّ، وَلَوْ لِآخِـرِ مَرَّةٍ
رُدِّي عَلَيَّ؛ فَإِنَّ هَمْسَكِ قَاتِلِي
عَبـَّرْتُ عَنْ نَفْسِي بِأَوَّلِ رَنَّـةٍ
وَتَكَلَّـمَتْ بِالْحُبِّ كُلُّ رَسَائِلِي
إِنْ كُنْتِ سَيِّدَتِي مُصَمِّمَةً عَلَى
زَمَنِ الرَّحِيلِ؛ فَقَبِّلِينِي، وَارْحَلِي
لَا تَدْفَعِيـنِي لِلـتَّهَوُّرِ بَعْدَمَـا
هَذَّبْتُ كَالْأَطْفَالِ سُوءَ تَعَامُلِي
وَقَطَفْتُ بَسْمَتَكِ الْوَدِيعَةَ في الْمَسَا
ءِ، وَأَلْهَمَتْكِ عَلَى الْبِسَاطِ أَنَـامِلِي
شَكَّلْتُ مِنْ كَتِفَيْكِ كُلَّ كَوَاكِبِي
وَرَشَشْتُهَـا في لَحْظَةٍ بِقَرَنْفُلِ
لَا تُنْكِرِي فَضْلِي عَلَيْكِ، وَتَسْتَرِيــ
ــحِي إِنَّ سِحْرَكِ كَانَ بَعْضَ تَوَابِلِي
فَتَذَكَّرِي، أَيـَّامَ كُنْتِ صَغِيرَةً
تَتَشَبَّـهِينَ بِنَوْرَسِي، وَبَلَابِلِي(٢)
وَتُسَابِقِينَ الْمَوْجَ مِثْلَ فَرَاشَةٍ
كَانَتْ تُرَفْرِفُ فَوْقَ ضِفَّةِ سَاحِلِي
الْآنَ مَنْ غَيْرِي يُوَشْوِشُ قَلْبَكِ الْــ
ـعَطْشَانَ مِنْ تَحْتِ الرِّدَاءِ، وَمِنْ عَلِ؟(٣)
وَيُرَاوِغُ الْوَجْهَ الْمُطِلَّ كَأَرْنَبٍ
فَوْقَ الْوَسَائِدِ دُونَ أَيِّ تَعَقُّلِ!
كَيْف انْتَحَرْتِ بِأَلْفِ أَلْفِ طَرِيقَةٍ
وَتَرَكْتِ آنِيةَ الزُّهُورِ لِتَذْبُلِي؟
وَهَجَرْتِ غَابَاتِي بِكُلِّ سُهُولَةٍ
إِنَّ انْتِحَارَكِ كَانَ فَوْقَ تَحَمُّلِي!
كَيْفَ انْتَهَيْتِ مِنَ اغْتِصَابِ طُفُولَتِي
وَقَـتَلْتِ في وَقْتِ الطُّمُوحِ تَفَاؤُلِي
وَشَرِبْتِ مِنْ مَاءِ الْحَنِينِ كَبَطَّةٍ
وَسَرَقْتِ مِنْ عَيْنَيَّ مَاءَ جَدَاوِلِي
وَذَبَحْتِ رَائِحَةَ التَّوَابِلِ، وَالْبَهَا
رِ عَلَى الْفِرَاءِ، وَدُسْتِ فَوْقَ سَنَابِلِي(٤)
وَهَدَمْتِ أَدْيِرَةَ الْهُيَامِ، وَمَعْبَدِي
وَشَطَبْتِ تَارِيخِي، وَسَاحَةَ هَيْكَلِي(٥)
شُكْرًا لِمَنْ أَحْبَبْتِ بَعْدَ فِرَاقِنَا
وَأَزَاحَ أَشْجَارَ الْهَوَى عَنْ كَاهِلِي
أَحْبَبْتِ تِلْمِيذًا بَلِيدًا مُهْمِلًا
يَحْتَاجُ فَهْمَ دُرُوسِـهِ مِنْ أَوَّلِ
فَحَبِيـبُكِ الْمِسْكِينُ لَيْسَ مُؤَهَّلًا
لِيُعَامِلَ الْأَطْفَالَ مِثْلَ أَيَائِلِي(٦)
شُكْرًا لِمَنْ أَنْسَاكِ لَذْعَةَ قَهْوَتِي
شُكْرًا لِأَوْهَامِ الْحَبِيبِ الْمُقْبِلِ(٧)
إِنْ كَانَ فِي الْإِمْكَانِ تَرْكُ سَوَاحِلِي
وَمَرَاكِبِ الْعِشْقِ الْقَدِيمِ؛ فَحَاوِلِي
خُطِّي عَلَى رَمْلِ الْوَدَاعِ قَصِيدَةً
وَتَسَلَّلِي بَعْدَ انْتِحَارِ مَشَاكِلِي(٨)
وَتَرَجَّلِي فَوْقَ السَّحَابِ، وَسَافِرِي
بِحَقِيبَةِ (الْمَاكْيَاچ) كَيْ تَتَجَمَّلِي(٩)
وَاسْتَقْبِلِي مَكْرَ الْحَبِيبِ بِوَرْدَةٍ
وَتَحَمَّلِي ضَرَبَاتـِهِ في مَقْتَلِ
سَتُعَانِقِينَ الدَّمْعَ في طُرُقَاتـِهِ
وَدُرُوبِهِ كَخِتَامِ أَيِّ مُسَلْسَلِ
وَتُفَضِّلِينَ الْمَوْتَ كُلَّ دَقِيقةٍ
وَسَتَرْكَعِينَ عَلَى ذِرَاعِي الْمُهْمَلِ
وَتُكَفِّرِينَ عَنِ الْهُرُوبِ، وَوِحْدَةِ الْــ
ــلَيْلِ الْحَزِينِ، وَطُولِ صَبْرِ تَوَسُّلِي
أَظَنَنْتِ أَنَّ الْحُبَّ فِي إِمْكَانِهِ
أَنْ يَقْلِبَ الْأَشْيَاءَ دُونَ مُقَابِلِ
يَا ذَبْحَةَ الْقَلْبَ الْحَزِينِ تَمَهَّلِي
وَتَكَفَّلِي يَوْمًـا بِحَـلٍّ شَامِلِ
هَذِي مُكَالَمَتِي، وَإِنـَّكِ حُرَّةٌ
أَنْ تَقْتُلِي هَمَسَاتِنَا، وَتَكْسَلِي
خِفِّي عَلَيَّ بُكَا الْكَلَامِ، وَقَلِّلِي
خِفِّي عَلَيَّ جَفَاءَ قَلْبِكِ، وَافْصِلِي
لَا يَنْتَهِي جُرْحُ الزَّمَانِ مِنَ الشِّفَا
ءِ، فَبِالْهَوَى شَيءٌ تَكَسَّرَ دَاخِلِي
المعاني
(١) المحمول: الهاتف الخلويّ.
(٢) نورس: طير مائي مهاجر، بلابل: جمع بلبل: طائر مشهور بصوته الحسن.
(٣) علٍ: فوق
(٤) البهار: التوابل.
(٥) أديرة: بيوت الرهبان، هيكل: بيت عبادة مقدّس.
(٦) أيائل: وعول (جمع إيَّل/أُيَّل).
(٧) لذعة: حرقة.
(٨) خُطِّي: اكتبي
(٩) حقيبة الماكياج: حقيبة مساحيق التجميل.