عدد أبيات القصيدة
أَصُبُّ بِغَابَتِي أَصْدَاءَ مَائِي
تُطَارِدُهَا الْغَرِيزَةُ فِي الْبَقَاءِ
فَوَرَّتْ نَهْرَهَا الغَابَاتُ عَنِّي
كَتَوْرِيَةِ الْمَعَانِي فِي الْخَفَاءِ
فَجُدِّدَ نَبْعُ سَاقِيتي بِكَفٍّ
تَزُمُّ الْمَاءَ مِنْ رَحِمِ الْفَنَاءِ
فَلَمَّا أَنْ تَرَوَّى النَّاسُ مِنْهَا
تَطَلَّعَ نَضْحُهَا صَوْبَ الْفَضَاءِ
تَسَامَى رَاجِعًا لِي مُطْمَئِنًّا
كَمَا يَسْمُو الرَّجَاءُ مَعَ الدُّعَاءِ
وَفَاحَ الشِّعْرُ؛ إِنَّ الشِّعْرَ رَسْمٌ
وَلَكِنْ بِالْخَيَالِ عَلَى الْهَوَاءِ
شَرِبْتُ مِنَ الْخَيَالِ زُهَاءَ بَحْرٍ
فَأَعْطَشَنِي، إِذَا اكْتَمَلَ، ارْتِوَائِي
ذَهَبْتُ لِغَفْوَةِ الْهَيْفَانِ.. لَيْلي
تَسَقَّى النُّورَ مِنْ وَمْضِ الْغِنَاءِ
أَطَلَّ الصُّبْحُ لَكِنْ دُونَ مَوْتٍ
عَلَى وُسُدِ اللَّيَالِي وَالْمَسَاءِ
كَوَجْهَيْ كَوْكَبٍ بِنَهَارِ شَمْسٍ
يُنِيرُ الْجَانِبَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ
هَرَبْتُ مُفَارِقًا وَالضَّوْءُ خَلْفِي
وَفِي ذِهْنِي مَعَارِكُ كَرْبَلَاءِ
ذَهَبْتُ مُغَاضِبًا.. حُلْمي تَدَلَّى
إِذَا مَا الصَّبْرُ فَاضَ مِنَ الْإِنَاءِ
إِلَى غَارِ الْقَرِيحَةِ آبَ حُلْمِي
تَنُوءُ رُؤَى التَّجَلِّي بِاخْتِبَائِي
يُنَادِى وَحْيُ لَيْلِ الْغَارِ اقْرَأْ
فَأَهْمِسُ مَا أَنَا بِأَخِ الْقِراءِ
فَأُجْلَدُ مَرَّتَيْنِ بِسِحْرِ (اقْرَأْ)
فَأَتْلُو مَا تَنَزَّلَ في حِرَائِي
طَوَيْتُ الْأَرْضَ وَالْـمَعْنَى طَرِيقِي
نَثَرْتُ الْعِطْرَ فِي مُدِنِ اقْتِرَائِي
وَلَوَّنْتُ الْمَعَانِيَ إِنْ غَوَانِي
مَجَازٌ قَدْ تَكَنَّى فِي الْخِبَاءِ
تَشَبّثَ بي فَأَخْلِطُهُ بِطِينِي
وَأَسْقِي لَفْظَهُ مَاءَ السَّمَاءِ
تُؤَامِرُنِي عَصَايَ وَمَا عَسَانِي
أَصُوغُ الْعُذْرَ في أَمْرِ اخْتِفَاءِ
جَلَا عَنْهَا الْيَقِينُ.. طَرَحْتُ سُؤْلًا
إِذِ اسْتَفْهَمْتُ مَا أَمْرُ الْجَلَاءِ
فَتَهْجُرُنِي إِذا مَا ضَجَ أَمْرٌ،
أُسَائِلُهُ، تَقَوَّمَ بِالْتِوَاءِ
وَتَجْفُونِي إذا ثَنَّيتُ سُؤْلِي
لِيَرْتَاعَ الْجَلَاءُ مِنَ اجْتِرَائِي
وَتَقْطَعُ بي، إِذَا اسْتَفْهَمْتُ (مَا)، مَا
تُحَرِّضُنِي عَلَى هَشِّ الرِّعاءِ
فَتُلْقِي بِالْعَصَا عَرَضًا يَدِي إِنْ
تَمَلْمَلَ مِنْ عَصَا الشِّعْرِ اتِّكَائِي
أَخُطُّ الْبَيْتَ كالثُّعْبَانِ أُلْقِى
بِضِلْعٍ مُنْحَنٍ خَطَّ اسْتِوَائِي
فَخَرَّتْ سُجَّدًا أَلْفَاظُ سِحْرٍ
وَتَرْكَعُ لِلصَّلَاةِ عَصَا انْحِنَاءِ
وَغُلَّ الْجَمْعُ مِنْ مَلَأٍ وَجُنْدٍ
عَنِ التَّأْوِيلِ ضَلُّوا في ارْتِئَاءِ
وَمِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ جَاءَ سَعْيٌ
تَسَلَّلَ بَيْنَ صُوفِ الْأَوْلِيَاءِ
يَخِيطُ الشِّعْرَ جُبَّاتٍ وَبُرْدٍ
يُفَرِّقُ دِفْءَ خُبْزِ الْأَنْبِيَاءِ
وَيُمْطِي الْأصْفِيَاءَ عُلُومَ خِضْرٍ
وَلَمْ يَسْطِعْ رُكُوبَ الصَّبْرِ رَاءِ
وَيَأْتِى الْغَيْثُ منْ قَلْبٍ سَلِيمٍ
يَشُفُّ الْقَصْدَ مِنْ دَاءٍ عَيَاءِ
بِحَدْسٍ والصَّدَى وِرْدٌ يُرَوِّي
نَقَاءً جَدَّ فِي كَشْفِ النَّقَاءِ
كَظِلٍ زِئْبَقٍ لَمَّا تَخَفَّى
بِأَعْتَابِ الرِّدَاءِ وَفِي الرِّدَاءِ
قَرِيبٍ حَاضِرٍ قَاصٍ، إِذَا مَا
تُحَاوِلُ قَبْصَ ضَوْءٍ مِنْهُ، نَاءٍ
فَجَادَ الْغَيْثُ إِيمَانًا بِشَكٍّ
وَكُلُّ حَقِيقَةٍ مَحْضُ ادِّعَاءِ