عدد أبيات القصيدة
يَا سَارِقَةَ الـْمُهَجِ، اشْجِيني
مَاذَا دَبَّرْتِ لـِمِسكِينِ؟
خَطَّطْتِ لِسِرْقَةِ قَلْبِ فَتًى
وَقَبَضْتِ جَوَاهُ كَعُربُونِ
وَهَمَمْتِ بِذَبْحِ أَسِيرِ هَوًى
أَوَقَتْلُ النَّفْسِ مِنَ الدِّينِ؟
تَأْتِينَ لِتَنْتَهِــبِـي وَرِعًا
وَعُيونُكِ تُوشِكُ تُغْرِيني!
اخْتَرْتِ الْـمُفْلِسَ مِنْ وَلَهٍ
رَضِيَتْ أَطْمَاعُكِ بِالدُّونِ!
مَاذَا في جَعْبةِ مُبْتَئِسٍ
مَاذَا في قُفَّةِ مَحْزُونِ؟
إِلَّا الْحِرْمَانُ لِـمُهْجَتِهِ
إِلَّا تَشْكِيلَةُ تَشْجِينِ
ذيَّاكَ الْـمُعدَمُ في عَوَزٍ
يُعْطيكِ اللهُ، وَيُعْطِيني
قَلْبي الْـمِمْلاقُ بِفِطْرتِهِ
في الْعِشْقِ الـْمُدْقِعِ يُبْقِيني(١)
يَا مُتْلفَةَ الْقَلْبِ انْسَحِبي
هَلْ صِيتُ غَرَامِكِ يُغْنِيني؟
انْقَضَّ جَمالُكِ دَاهَمَني
لِيُسِلَّ التَّوْقَ بسِكِّينِ(٢)
إنْ كُنْتِ رَمَيْتِ إِلَى شَجَنٍ
فَخُذِي مِنْ وَفْرَةِ مَخْزوني
فَأَنَا مُغْتَمٌّ مُكْترِبٌ
لَــمَمُ الْأَحْزانِ يُبكِّيني(٣)
مُتَخَلِّجُ قَلْبٍ، مُضْطَرِبٌ
وَضْعِي يَحْتَاجُ لِتَقْنِينِ
مَنْفِيُّ الرُّوحِ، وَأَسْبَحُ في
فُلْكٍ بِاللوْعَةِ مَشْحونِ
أُبْحَر تُ بـِهَمِّي، أَغْرَقُ في
ظُلُماتِ الْعِشْقِ كَذِي النُّونِ(٤)
أَغْوَانِي الْعِشْقُ، ودَلَّهَني
في عُمْقِ الظُّلْمةِ يَرمِيني(٥)
وَوَشَى اللوَّامُ، وَقَدْ حَكَمُوا
في هَذَا الْعِشْقِ بتَخْويني
شِيَتي في الْعِشْقِ مُسَجَّلةٌ
مِنْ عَارِ خَزايَةِ مَلْعونِ(٦)
في الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ شَغَفي
وَلَهِيبِ الشَّوْقِ (بِسِجِّينِ)(٧)
أمْطَرْتُ بحُرْقَةِ فَاجِعَتي
كُتُبي في الْعِشْقِ، وَتَدْوِيني
مَا كانَ الشِّعْرُ إليْكِ سِوَى
سَطْرٍ مِنْ خُطْبةِ تَأْبِيني
وَأُعَانِي عِنْدَ وُلُوجِ هَوًى
حُزْنًا، بطَبيعَةِ تَكْوِيني
وَجَمِيعُ جِراحي نَافِذَةٌ
وَدَوامُ الْخَيْبَةِ رُوتِيني
رُوحي فَتَّاكَةُ أَفْئِدَةٍ
قَلْبي مُسْتَوْدَعُ (تَكْهِينِ)
يَتَطَيّرُ قَلْبي مِنْ وَلَهِي
تَهْويلي يَسْبُقُ تَهْوِيني(٨)
قَلْبي يَحْتَاجُ لِبرْمَجَةٍ
قَطْعًا، وَإِعَادَةِ تَعْيينِ
أَتَوَهَّنَ حُزْنًا، ذُقْتُ أَسًى
فأَجِيري ذِلَّةَ مَوْهونِ
هَجَّامَةَ أَشْواقي انْصَرِفي
وَلِّـــي في الْحَالِ، وَفي الْحِينِ(٩)
أَحْوَالُ غَرَامِكِ في تَرَفٍ
وَغَرَامي لَيْسِ بِمَضْمُونِ
اخْتَرْتِ الصَّبَّ لِسِرقَتِهِ
أَوَيودِي الْعِشْقُ بِمَجْنُونِ؟
أَيَجُوزُ بِفَتْوى سَفْكِ دَمٍ
تَنْفِيذُ الْحَدِّ بِمَطْعونِ؟
أَفقَدْتِ السِّرْقَةَ رَوْنقَهَا
مَرْمَغْتِ السُّمْعَةَ في الطِّينِ(١٠)
عِوَضًا عَنْ نَجْدَةِ مُتَّهَمٍ
شَدَّدْتِ عُقُوبَةَ مَسجُون!
حَلَّفتُكِ بِاللهِ ابْتَعِدِي
فجَمَالُ عُيُونِكِ يُغْوِيني
يَحْتَاجُ الآنَ بكُلِّ أَسًى
وَضْعي الروحيُّ لتَحْسينِ
وِالْقُربُ بِحِضْنِكِ تَهْلُكَةٌ
إِدْمَانٌ، جُرْعَةُ أَفْيُونِ
إحْسَاسُكِ عُقْدَةُ أُحْجِيَةٍ
وَغَرَامُكِ لُعْبَةُ تَخْمِينِ
كَطُيورِ الرُّخِّ، خُزَعْبَلَةٌ
كَخُرافَةِ قِصَّةِ تِنِّينِ(١١)
وَهْمِـيٌّ حُبُّكِ، مُحْتَجِبٌ
بِيَقِيني، أَبْدَلَ مَظْنوني
غَرَّبتِ القَلْبَ، وصَاحِبَهُ
وَبَدَأْتِ إِعَادَةَ تَوْطِينِ
أَعْلَنْتِ حُروبَ هَوًى، وَدَمِي
في عِشْقِكِ لَيْسَ بِمَحْقُونِ
وَغَزَوْتِ الْقَلْبَ، وَقَدْ شَرَدَتْ
رُوحي؛ فَصَبَرْتُ عَلَى الْهُونِ
هَرَبَتْ قُوَّاتي، وَانْسَحَبَتْ
مِنْ قَلْبي قُوَّةُ تَأْمِيني
أَنَا لَا أَحْتَاجُ إِلَى حَطَبٍ
لتُـــزالَ مَنَاعَةُ تَحْصِيني
تَكْفِيني نَظْرَةُ فَاتِنَةٍ
لِتَشُبَّ النَّارُ بِبِنْزِينِي
مِنْكِ النَّظْراتُ تُلَازِمُني
مَقْرُونُكِ أَصْبَحَ مَقْرُوني
مَهْمُومٌ مِثْلُ الطِّفْلِ بِهَا
أَوْقاتَ الشِّدَّةِ، وَاللِّينِ
قَذَفَتْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمِهَا
حُمَمَ النِّيرانِ؛ فَتَشْوِيني
لَهِمَتْ حَطَبًا في مِدفَأَتي
سَكَنَتْ في دُخْنةِ غَلْيُونِي(١٢)
المعاني
(٢) يسلّ: يسرق.
(٣) لمم: صغيرها.
(٤) ذي النون: سيّدنا يونس.
(٥) دلّهني: حيّرني، أدهشني.
(٦) شيتي: علامتي، خزاية: عار.
(٧) سجّين: وادٍ في جهنّم.
(٨) يتطيّر: يتشاءم.
(٩) هجّامة: كثيرة الهجوم (يقصد الهجوم لسرقة القلب).
(١٠) مرمغتِ: مرّغتِ، لطّختِ، دنّستِ.
(١١) طيور الرخّ، التنّين: كائنات خرافيّة.
(١٢) لهمت: أكلتْ.