عدد أبيات القصيدة
دَعَوْتُ اللهَ في نُسْكي، وَتَسْبِيحِي
لِيُنْقِذَني إِذَا هَمَّتْ بِتَذْبِيحي
أَنَا الْـمَجْذُوبُ في أَغْوارِ عَيْنَيْهَا
أَعُوذُ مِنَ الحَنينِ لَهَا بِسُبُّوحِ(١)
أَنَا الْهَيْمَانُ في عِشْقِي، وَفَاتِنَتي
تُعِيدُ بِصَدِّها قَتْلًا لـِمَذبوحِ
وَتُهْمِلُني، وَيَنْفِيني تَجَاهُلُهَا
وَتَعْشَقُ في مَنافي الْعِشْقِ تَطْريحي(٢)
وَتُشعِلُني إِذَا سَرَحَتْ بذَاكِرَتي
وَأُدْمِنُها إِذَا انْتَشَرَتْ بِمَنْفُوحِ(٣)
كَدُخْناتٍ مِنَ النِّيرانِ إِنْ هَبَّتْ
عَلَيْهَا الرِّيحُ؛ فَاسْتَعَرَتْ بِتَلْقِيحِ(٤)
أَنَا الـْمَنْكُوبُ في الطُّوفانِ مَنْسِيٌّ
نَسَوني ربَّمَا سَهْوًا بَنُو نُوحِ
أُحَاوِلُ أَنْ أُشِيرَ لَهُمْ، وأَمْوَاجٌ
تُحَطِّمُني، وَلَا أَنْجُو بِتَلْوِيحي
أَنَا الْقِدِّيسُ مَوْصُومٌ بِمَنْ أَهْوَى
وَمَنْبُوذٌ كَمَرْجُومٍ، وَمَبْطُوحِ
وَأَنْعَى الْيَوْمَ إِحْسَاسِي، وَمَا حَقَّقْــــ
ـــــتُ أَحْلَامِي؛ فَقَدْ ذَهَبَتْ مَعَ الرِّيحِ
أَنَا الْهَشُّ الذي قَدْ مَاتَ في صَمْتٍ
ضَحِيَّةَ حُبِّهِ الْـمَحْفُوظِ في اللُّوحِ
أَبِيعُ الْآهَ في الْأَسْواقِ، مَهْوُوسًا
بِفِتْنَتِهَا؛ فَهَلْ رَفَقَتْ بِسَرّيحِ(٥)
بِضَاعَةُ حُبِّنَا الْـمُزْجَاةُ رَاكِدَةٌ
تُشاغِلُهَا، تُنَادِيهَا بِتَلْمِيحِ(٦)
وبَحَّ النَّبْضُ يَسْتَجْدِي عَوَاطِفَهَا
بِصَوْتٍ في كُهُوفِ الْقَلْبِ مَبْحُوحِ(٧)
وَنَفْسِي كيْ أَبُوحَ لَهَا تُحَرِّضُني
فَقُلْتُ لَهَا: بِقَدْرِ مَحَبَّتي بُوحي
وَلَا أَلْقَى بِرَغْمِ الصِّدْقِ في بَوْحي
سِوَى أَكْوَامِ نُكْرَانٍ، وَتَشْوِيحِ(٨)
أَنَا الْـمُشْتَاقُ مِنْ فَوْحٍ لِسِيرَتِهَا
فَيَا نَسَمَاتِهَا في شِعْرِنا فُوحي(٩)
عَسَى أَنْفَاسُهَا يَوْمًا تُحَوِّطُني
إِذَا انْتَشَرَتْ بِتَفْريقٍ، وَتَفْيِيحِ(١٠)
وَيَا أَمْطَارَ أَعْيُنِنَا لَهَا سِيلِي
وَيَا أَكْوامَ ثَلْجِ شُعُورِهَا سِيحي(١١)
وَيَا أَوْجَاعَنَا انْتَشِرِي بمُهْجَتِهَا
وَفِيحي في رسَائِلِنَا لَهَا فِيحي(١٢)
لَعَلَّ بَراءةَ الْعَيْنيْنِ تَفْهَمُني
وَتُكْرِمُني بِرَدٍّ، أَوْ بِتَصْرِيحِ
وَتُسْعِفُني، وَمِنْ وَجَعِي تُخَلِّصُني
وَتَرْفِقُ بي، وَتُوقِفُ بُؤْسَ تَتْريحِيى(١٣)
وَهَلْ تَحْتَاجُ عَاشِقَةٌ إِلَى شَرْحٍ
لـِمَا أَرْسَلْتُ مِنْ شِعْرِي، وَتَوْضِيحِ
وَهَلْ يَحْتَاجُ مَا يَنْسَابُ مِنْ وَجَعٍ
بِأَنَّاتِي لِتَبْيانٍ، وَتَفْصِيحِ
نَقَاءُ مَشَاعِري في الشِّعْرِ أَكْتُبُهُ
كَنَقْشٍ في جِدارِ الَقْلْبِ مَشْرُوحِ
وَقَارئَةُ الْـمَشَاعِرِ تِلْكَ مِهْنَتُهَا
مَهَارَةُ كَشْفِ فَضَّاحٍ لِـمَفْضُوحِ
ونِيَّةُ مَنْ يَصُوغُ الشِّعْرِ صافِيةٌ
كَصَفْوِ الرَّمْلِ في شُطْآنِ (مَطْرُوحِ)(١٤)
أَنَا الْهَمَجِيُّ في عِشْقِي؛ وَهَلْ تَرْضَى
سَلِيلَةُ بَيْتِ أَشْرَافٍ بِشَبِّيحِ(١٥)
وَمَا قَلْبُ الْحَبِيبةِ في تَرَحُّلِهِ
إِلَى مَأْوَى مَسَاكِنِنَا بِمَجْمُوحِ(١٦)
أَنَا السَّفَّاح في عِشْقي، وَقَاتِلَتي
تُجِيدُ فُنُونَ تَقْطِيعي، وَتَشْريحي
أَلُوذُ مِنَ انْتِفَاضَةِ دَمْعَتِي بِدَمٍ
مِنَ الْأَعْمَاقِ لِلْأَعْمَاقِ مَسْفُوحِ
وَأَكْرَهُهَا، وَكُرْهِي لَا مَثِيلَ لَهُ
كَحِقْدٍ شَبَّ مِنْ أَعْمَاقِ مَجْرُوحِ(١٧)
وَأَفْشَلُ في تَقَمُّصِ كُرهِهَا أَبَدًا
كَطِفْلٍ في دُرُوسِ الْحِقْدِ مَكْبُوحِ(١٨)
كَأَنَّ رَوَاسِبَ الْأَحْقَادِ قَدْ عُزِلَتْ
كَمَا التَّقْطِيرِ في أَوْراقِ تَرْشِيحِ
أَنَا الْـمَنْبوذُ أَهْمِي غيْرَ مَوْعُودٍ
بِعَيْشٍ رَحْرَحٍ رَحْبٍ، وَمَفْسُوحِ(١٩)
كَقِطٍّ شَارِدٍ في مُنْتَهَى لَيْلٍ
رَأَى ظِلًّا؛ فَيَحْضُنُهُ بِتَمْسِيحِ
تَفِيضُ مَعِيشَتي بُؤْسًا، ومُحتَاجٌ
لِإصْلَاحٍ، وَتَرقِيَةٍ، وَتَرْقِيحِ(٢٠)
وَشَكْوَايَ التي في اليَأْسِ لُذْتُ بِهَا
هُمُومُ عَزاءِ مَنْفِيٍّ لِـمَنْزُوحِ(٢١)
أَنَا النَّازيُّ، وَالْـمِغْوارُ في وَلَهي
وَأَشْكُو في عَذَابِ الْهُونِ تَبْرِيحِي
حُروبُ التِّيهِ في الْوِجْدانِ بَارِدَةٌ
كَمَا أَنْسَاقُ نَحْوَ سِبَاقِ تَسْلِيحِ
وَمَا تِلْكَ القصائدُ غَيْرَ أَسْلِحَتي
تُقَابِلُ هَوْلَ تَدْريعٍ، وَتَصْفِيحِ
أَنَا الْـمَخْلُوقُ مِنْ يَأْسٍ، وَمَعْجُونٌ
بِمَأْسَاتِي، وَحُبِّـي غَيْرُ مَطْرُوحِ
وَهَلْ عِشْقٌ بِلا وَجَعٍ، وَإيلَامٍ
لِطَوَّافٍ، وَتَيْـهَانٍ بِمَسْمُوحِ؟(٢٢)
أَنَا الصُّوفيُّ في عِشْقِي أُفَرِّقُهُ
كَرَامَاتٍ، وَمَا كُرْهي بِمَمْنُوحِ
كَذَرَّاتٍ الْبَخورِ تَفِيضُ نَفْحَتُهَا
مِنَ النِّيرانِ تُسْكِرُ كُلَّ مَلْفُوحِ
أَنَا الْـمَعْنَى تُقَلِّبُني بسُكَّرِهَا
غَزَا مَعْسُولُهَا مَنْطُوقَ مَمْلُوحي(٢٣)
نهِلْتُ الشَّهْدَ مِنْ جَرَّاتِ عَيْنَيْهَا
وَمَلَّحْتُ الْقَصَائِدَ خَيْرَ تَمْلِيحِ(٢٤)
بِأَجْمَلِ ما يَبُوحُ الشِّعْرُ مِنْ غَزَلٍ
وَمَا أَهْدَاهُ مَدَّاحٌ لِـمَمْدُوحِ
فَهُلِّي يَا قَصَائِدَنَا، لَهَا جُودِي
بِتَمْسِيَّةٍ، وَرُوحِي نَحْوَهَا رُوحِي(٢٥)
فقَلْبِي طَامِحٌ لِرُوَاءِ فِتْنَتِهَا
فآسيني، وَدَاوِيني بِمَطْموحي(٢٦)
المعاني
(٢) تطريحي: إبعادي.
(٣) منفوح: معبّق برائحتها (أين الذي ينعش الموتى، ويحتمل الجلّى، ومن جارهُ بالخير منفوحُ “أبو دهبل الجمحي”).
(٤) استعرت: احتدمت، توقّدت، تلقيح: تلقيح الريح للدخنات الصغيرة فتصبح نارا كبيرة.
(٥) سرّيح: بائع متجوّل.
(٦) مزجاة: كاسدة، رخيصة.
(٧) بحّ النبض: بالغ في استجدائه، مبحوح: مخشنّ.
(٨) تشويح: إنكار..
(٩) فوحي: انتشري.
(١٠) تفييح: تفريق.
(١١) سيحي: سيلي
(١٢) فيحي: انتشري.
(١٣) تتريح: إحزان.
(١٤) مطروح: مدينة ساحلية مصريّة.
(١٥) شبّيح: كبير، عريض فأصبح لا يهمّه أحد؛ فيصنع بغيره ما يريد، بلطجيّ (مجازيّا).
(١٦) مجموح إلى مأوى مساكننا: منقاد إليه.
(١٧) شبّ: نشب.
(١٨) مكبوح: مردوع، مردود.
(١٩) أهمي: يهمي على وجهه: يهيم على وجهه
(٢٠) ترقيح: إصلاح.
(٢١) منزوح: مقصيّ/ مفرّغ (كذاكَ جزائي في الهديِّ، وإن أقلْ فلا البحرُ منزوحٌ، ولا الصوتُ صاحلُ” مزرّد بن ضرار”).
(٢٢) تيهان: ضال.
(٢٣) مملوح: مملّح.
(٢٤) ملّحتُ القصائد: جوّدتها، أنضجتها، تمليح: تجويد.
(٢٥) تمسية: تحيّة المساء.
(٢٦) آسيني: عزّيني، واسيني، مطموحي: هدفي.