عدد أبيات القصيدة
حَلَّفْتُ قَلْبَكِ بِالْعَلِيِّ الْأَكْرَمِ
أَنْ تُنْقِذِي قَلْبَ الْغَريقِ الْـمُغْرَمِ
نَاشَدْتُكِ اللهَ ارْفُقِي بِمُعَذَّبٍ
وَتَحَنَّني بِاسْمِ الْإِلَٰهِ الْأَعْظَمِ
وَبِحَقِّ مِيثَاقِ الْهَوَى، وَبِعَهْدِهِ
جُودِي عَلْى الْقَلْبِ الذَّلِيلِ الـْمُرغَمِ
مِمَّا حَبَاكِ اللهُ رُشِّـي نَفْحَةً
وَتَكَرَّمي مِنْ فَيْضِ قَلْبِكِ تُكْرَمِي
إِنَّ الزَّكَاةَ تَصِحُّ أَنْ تَتَصَدَّقي
عِشْقًا عَلَى قَلْبِ الْفَقِيرِ الْـمُعْدَمِ
فَتَرفَّقي بِالْـمُسْتَهامِ إِذَا بَكَى
أَوَلَمْ يَحِنْ بَعْدَ الْبُكَا أَنْ تَرْحَمي
وَتَكَفَّلي بِيَتِيمِ قَلْبٍ في الْهَوَى
وَتَلَطَّفِي بِالْعَاشِقِ الـْمُتَهَيِّمِ
غَرَّرْتِ بِالْعَبْدِ الْبَؤُوسِ، وَقَدْ أَتَى
مُتَبَتِّلًا كَالنَّاسِكِ الْـمُسْتَعْصِمِ
فبَطَشْتِ بِالْقَلْبِ الْخَجُولِ، وَزُهْدِهِ
أَطْلَقْتِ مَارِدَ عِشْقِهِ مِنْ قُمْقُمِ
وَأَخَذْتِ مُعْتَكِفًا عَصِيًّا عَنْوَةً
وَرَدَدْتِهِ لِجَمالِكِ الْـمُتَحَكِّمِ
فَتَبرَّأَ الْـمُرتَدُّ مِنْ عِصْيانِهِ
وَأَتَى هَوَاكِ بِتَوبةِ الْـمُتَنَدِّمِ
وَدَنَا إلَيْكِ مُهَرْوِلًا مُتَحَسِّسًا
كَالطِّفْلِ في أَحْضَانِ عَطْفِكِ يَرْتَمي
كَرَضِيعِ لَيْلٍ يَسْتَغِيثُ مُغَمِّضًا
بِفَمٍ يُفَتِّشُ يَسْتَجيرُ بِمُطْعِمِ
يَا لَهْفَ قَلْبي إِنْ أَتَاكِ مُسَلِّمًا
وَغَفَا بِقُربِكِ في الْعُيُونِ النُّوَّمِ
فَحَوَاهُ قَلْبُكِ مَاكِرًا مُسْتَدْرِجًا
إِحْسَاسَهُ نَحْوَ الْغَرَامِ الْـمُبـْهَمِ
فَمَنَعْتِهِ مِنْ عِشْقِ أَيِّ جَمِيلَةٍ
كَصِيامِهِ عَنْ فِعْلِ كُلِّ مُحَرَّمِ
وَأَخَذْتِهِ أَخْذَ الْعَزيزِ ببَطْشِهِ
وَنَفَيْتِهِ في تِيهِ لَيْلٍ مُعْتِمِ
وَرَمَيْتِ بِالْجَمَراتِ قَلْبَ مُحَصَّنٍ
وَا رَحْمَةً لَمْ تكتَفِي أَنْ تَرْجُمي
وَسَفَكْتِ أَنْهارَ الدِّمَاءِ بِأَرْضِهِ
وَرمَيْتِهِ بِسِهَامِ لَحْظٍ مُجْرِمِ
رِفْقًا بِقَلبِ مُريدِ عِشْقٍ يَكْتَوي
قَطَّعْتِ نَوْطَ غِلَافِهِ الْـمُتـَهَشِّمِ
مَا قَتَّلَتْهُ سِهَامُ عَيْنِكِ إِنَّمَا
أَسَفًا قَضَى نَحْبًا بِعِشْقِ الْأَسْهُمِ
رُدِّي الـْمَظالِمَ في الْغَرَامِ لِأَهْلِهَا
أَوَليسَ نـَهْبُ مَشَاعِرِي بِمُحَرَّمِ؟
للهِ مَظلَمَتي إِلَيْهِ شِكايَتي
وَفَناءُ قَلْبي في هَواكِ تَظَلُّمي
وَيْلَ الْـمُحِبِّ إِذَا تَحَطَّمَ قَلْبُهُ
وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لِقَلْبِ مُحَطَّمِ
إنِّي أَنَا الطَّوَّافُ في مَلَكُوتِهَا
وَبِظِلِّ عَيْنَيهَا أَلُوذُ، وَأَحْتَمي
قَلْبي يَدُقُّ لِفَقْدِهَا مُتَخَفِّيًّا
مُتَخَبِّئًا في الرُّكْنِ كَالْـمُتَكَوِّمِ
كَتَوَثُّبِ الْعُصْفورِ في قَفَصٍ إِذَا
مَا الطَّيْرُ حَاصَرَ بَيْتَهُ بتَهَجُّمِ
إنِّي أَنَا الرَّحَّالُ في أَكْوانِهَا
وَإِلَى مَلامِحِهَا الْبَرِيئَةِ أَنْتَمِي
أَمْشِي بِطَيْفِ جَمالِهَا مُتَدَثِّرًا
بِتَعَلُّقٍ فَوْقَ الْقُلُوبِ مُخَتَّمِ
وَنَظَرْتُ لِلْعُشَّاقِ حَوْلي بَائِسًا
مُتَلَفِّتًا لِـمُوَلَّهٍ مُتَأَقْلِمِ
وَرَأَيْتُ مَغْرومًا يَطِيقُ عَذَابَهُ
فَحَسَدْتُ مَنْ يَهْوَى، وَزَادَ تَبرُّمِي
مِنْ فَقْرِ حَالي في الْهَوَى أَرْنُو إِلَى
مَيْسُورِ قَلْبٍ هَانِئٍ، وَمُنَعَّمِ
وَسَأَلْتُ نَفْسِي: (هَلْ مُتَاحٌ وِدُّهَا
وَالْقُرْبُ مِنْ قَلْبٍ بَعيدٍ مُحْجِمِ؟!)
قَالَتْ: (مُحَالٌ يَا “أُسامَةُ” وَصْلُهَا
أَبَدًا، بِعَيْنِكَ، في خَيالِ مُنجِّمِ
لَا تَقْرَبَنَّ مَلِيحَةً بجَمَالِهَا
إِنَّ الْبُكَاءَ نَصِيبُ كُلِّ مُتيَّمِ
وَإِذَا بُلِيتَ بِحُبِّها لَا تَبْتَئِسْ
وَارْضَخْ إِذَا حَلَّ الْقَضَاءُ، وَسَلِّمِ
سِرْ رَغْمَ تِيـهِكَ في مَجاهِلِ عِشْقِهَا
مَنْ خَاضَ عِشْقًا صادِقًا لَمْ يَأْثَمِ
انْهَمْ تَهَيَّمْ هِمْ تَوَهَّمْ، وَاهْتَمِمْ
هَيِّمْ، وَوَهِّمْ هُمَّ، وَاهْمُمْ أَهْمِمِ(١)
تِهْ بِالصَّبايَا الْبَاكِياتِ هُنَيْـهَةً
أَشْجِ الْبُكيَّ بِكَربِنَا الْـمُسْتَحْكَمِ
هَوِّنْ بِعُسْرتِنَا مَآسِي غَيْرِنَا
هَوِّنْ عَلَيْهمْ في الْأَسى الْـمُتَضَخِّمِ
وَالْطُفْ بِكُلِّ مُتيَّمٍ أَنْقِذْهُ مِنْ
عُقْبى مَصيرٍ بَائِسٍ، وَمُحَتَّمِ
هيَّا اشْتَعِلْ، كُنْ كالرَّمَادِ يَـهُبُّ مِنْ
نَارٍ بِقَلْبِ أَحِبَّةٍ مُتَفَحِّمِ
خفِّفْ حُمُولَ الْعِشْقِ؛ فَالْعشَّاقِ في
عِرْضِ الْأَسَى الْـمُتَوَزِّعِ الْـمُتَقَسِّمِ)
أَنَا عَاشِقٌ لِلْوَهْمِ يَا آلَ الْهَوَى
مَا حِيلَتي بِجُنونِ عِشْقٍ مُوهِمِ؟
كَيْفَ الْخَلاصُ مِنْ ابْتِلاءِ مَحَبَّتي؟
كَيْفَ السَّبِيلُ لِدَفْعِ عَتْبِ اللُّوَّمِ؟
وَمَتَى عِبَادَ اللهِ يَأْوي رَاغِبًا
قَلْبُ الْأَميرةِ في الْقُصُورِ لِخُدَّمِ؟
أَنَا نَاسِكٌ لِلْعِشْقِ في مِحْرابِهَا
أُخْفِي بِقَلْبِي كُلَّ حُبٍّ قَيِّمِ
أَمْشي بِمِسْبَحَتِي أَنُوءُ بِحَمْلِهَا
ثَقُلَتْ بِمِقْدَارِ اسْتِهَامَةِ مِعْصَمي
وَأَهِيمُ كَالْـمَجْذوبِ أَلْقَى خَطْوَتي
في كُلِّ فَجٍّ مُظْلِمٍ، وَمُلَغَّمِ
أَهْمِي عَلَى وَجْهي، وَنُورُ عُيونِهَا
في التِّيهِ أَسْرابُ الطُّيورِ الْحُوَّمِ