عدد أبيات القصيدة
تَأَخَّرْتِ عَنِّي..
وَفَاتَتْ مَوَاعِيدُ كُلِّ الْقِطَارَاتِ،
وَالليْلُ بَرْدُ
وَمِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ
ضَمَّتْ يَدَايَ ضَبَابَ زَفِيرِي،
وَجَاءَ النُّعَاسُ..
عَلَى الْعَيْنِ يَعْدُو
تَأَخَّرْتِ عَنِّي..
وَأَيْقَنْتُ أَنَّ حُدُودَ الْعِلَاقَةِ
بَيْنِي، وَبَينَكِ جَزْرٌ، وَمَدُّ
وَآنَ الْأَوَانُ لِنَجْمَعَ أَوْرَاقَنَا،
وَنُهيِّئَ أَنْفُسَنَا لِلرَّحِيلِ،
وَيُوضَعَ لِلْمَسْرَحِيَّةِ حَدُّ
* * *
وَفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالي الشِّتَاءِ
تَمَايَلَ خَلْفَ الْغُيُومِ الْقَمَرْ
وَذَكَّرَنِي بِنَدَى شَفَتَيْكِ،
وَصَوْتِكِ هَمْسًا..
رَنِينُ الْـمَطَرْ
وَفَتَّشْتُ عَنْكِ.. خِلَالَ هُمُومِي
سَأَلْتُ النُّجُومَ.. سَأَلْتُ الْغُيُومَ
سَأَلْتُ شُرُودَ جُذُوعِ الشَّجَرْ
وَفَتَّشْتُ عَنْكِ..
خِلَالَ الْعِبَارَاتِ.. بَيْنَ الْحُرُوفِ..
وَبَيْنَ الْفَوَاصِلِ..
تَحْتَ السَّنَابِلِ.. فَوْقَ الْجَدَاوِلِ..
بَيْنَ الْجُزُرْ
تَحَرَّيْتُ عَنْ كُلِّ وَكْرٍ بَعِيدٍ
يُخَلَّق فِيهِ جَمَالُ السَّحَرْ
نَصَبْتُ كَمِينًا لِكُلِّ فَتَاةٍ
يُعَتَّقُ فِيهَا نَسِيمُ الزَّهَرْ
وَطَارَدْتُ حَتَّى عُطورَ النِّسَاءِ
تَتَبَّعْتُهَا، وَاقْتَفَيْتُ الْأَثَرْ
وَأَفْزَعْتُ مِنِّي.. كُمُونَ الْكَوَاكِبِ
أَفْزَعْتُ مِنِّي.. هُدُوءَ الْحَجَرْ
وَأَيْقَنْتُ أَنَّ فِرَاقَكِ.. أَمْرٌ خَطِيرٌ
يَفُوقُ حُدُودَ احْتِمَالِ البَشَرْ
وَأَيْقَنْتُ أَنَّ لِقَاءَكِ يَوْمًا
مُجَرَّدُ ضَرْبَةِ حَظٍّ
إِذَا مَا أَتَتْنَا..
يُحَلِّقُ في هَمْسِنَا
في تَطَابُقِ أَفْكَارِنَا
مِنْ ثُقُوبِ خِلَافَاتِنَا
مِنْ حَقِيبَةِ أَوْجَاعِنَا
في عِنَاقِ الْأَنَامِلِ..
بَيْنَ أُلُوفِ أُلُوفِ الْـمَشَاكِلِ
سَيْرُ الْقَدَرْ
* * *
وَجِئْتِ أَخِيرًا..
مُحَمَّلَةً بِأُلُوفِ الْهَدَايَا
أَرِينِي.. حُلِيٌّ ثَمِينَةْ!
عُطُورٌ .. فِرَاءٌ..
كُنُوزٌ دَفِينَةْ
وَتِلْكَ هَوَاتِفُ جَيْبٍ،
وَبَعْضُ الصُّوَرْ
وَتِلْكَ الْـمَنَادِيلُ عِنْدَ اللقَاءِ
أَطلَّتْ عَلَيْنَا..
تَشُجُّ جِدَارَ الْحَقِيبَةِ بَعْدَ السَّفَرْ
وَتِلْكَ الْفَسَاتِينُ.. تَنْظُرُ عَبْرَ الْجِدَارِ ،
وَتُوشِكُ أَنْ تَنْحَدِرْ
تُرِيدِينَ أَنْ تَشْرَحِي مَا الْخَبَرْ ؟!
أَنَا مَا انْتَظَرْتُكِ عُمْرًا
لِأَجْلِ سَمَاعِ الْخَبَرْ
* * *
أَمَا زِلْتِ بَاحِثَةً
في الْحَقِيبَةِ لي عَنْ هَدِيَّةْ
بِدَاخِلِ أَكْوَامِ تِلْكَ الْهَدَايَا
دَعِينِي.. لِأَحْمِلَ عَنْكِ الْحَقِيبَةْ
دَعِينِي أُغَيِّرُ..
كُلَّ طُقُوسِ التَّلَاقي
الرَّتِيبَةْ
دَعِينِي أُلَـمْلِمُ..
عُلْبَةَ زِينَتِكِ الْـمَرْمَرِيَّةْ
دَعِينِي أُنَسِّقُ شَعْرَكِ
مِنْ كَوْكَبَيْنِ إِلَى خُصْلَتَيْنِ،
وَبَعْضِ الْخُطُوطِ النَّدِيَّةْ
وَأَشْطُبُ أَحْمَرَكِ الْـمُسْتَقِرَّ
عَلَى قِمَّتَيْ كَرْزِ
تِلْكَ الشِّفَاهِ الشَّهِيَّةْ
وَأَغْزُو حَقِيبَةَ عِطْرِ الصَّبَاحِ،
وَأُبْعِدُ عَنْكِ نُصُوصَ التَّدَنِّي،
وَجَوَّ التَّكَلُّفِ بِالْـمَسْرَحِيَّةْ
دَعِينِي أُرَاقِبُ تِلْكَ الْعُيُونَ الْأَبِيَّةْ
دَعِينِي أُفَتِّشُ عَنْكِ، وَعَنِّي
خِلَالَ السُّطُورِ،
وَمِنِّي إِلَيْكِ التَّحِيَّةْ
فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ
دُونَ وَجْهٍ خَفِيٍّ،
وَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ ذَاتُ حُسْنٍ
بِأَيْدٍ نَقِيَّةْ