عدد أبيات القصيدة
بِسَيَّارَةٍ لَبَّيْتُ فِيَ يَوْمِ حَشْرِ
نِدَاءَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، فَوَّضْتُ أَمْرِي
بِسَيَّارَةٍ فِي الطَّلِّ أَوْفَيْتُ نَذْرِي
بِمِصْيَدَةِ الْغَابَاتِ إِذْ حَانَ أَسْرِي
بِسَيَّارَةٍ “قَيْدِ الْأَوَابِدِ” حَاصَرَتْ
تَحَايُلَ خَمْرِي
مُحَلِّقَةً مَا بَيْنَ كَرٍّ وَفَرِّ
وَقَدْ جَفَّ حِبْرِي
وَكَانَتْ،
إِذَا اسْتَسْقَيْتُ في الْقَحْطِ دَرِّي،
ظِلالِي سَحَابًا كَاذِبًا دُونَ هَمْرِ
فَفَاجَئْتُ غَيْمَاتِي بِفَتْحِ مِظَلَّتِي
عَسَى تَبْغَتُ الْأَمْطَارُ مِنْهَا بِغَدْرِ
وَدَلَّكْتُ فِكْرِي
فَلَا غَيْمَةٌ تَبْكِي وَلَا بِنْتُ مَخْرِ
وَأَخْلَدْتُ لِلإِغْفَاءِ في عُمْقِ بِئْرِي
سِنِينٌ عِجَافٌ بَيْنَ أَحْلَامِ يَقْظَتِي
تُيَبِّسُ نَهْرِي
وَقَدْ جَفَّ حِبْري
تَبِعْتُ انْكِتَالَ السَّيْلِ حَتَّى الْـمَخَرِّ
عَنِ الْنَّهْرِ وَالْيَنْبُوعِ بَحْثِي وَنَقْرِي
بِمِنْظَارِ فَحْصِ الْـمُخْبِرِ الْـمُتَحَرِّي
وَلَا شَيْءَ يَجْرِي
سِوَى طَلَلٍ فَانٍ “وَجُلْمُودِ صَخْرِ”
شَوَاطِئُهُ عُمَّالُ تَرْحِيلَةٍ فَلَا
يَرِقُّ لَهَا مَاءٌ وَلَا شَدُّ أَزْرِ
وَشاخَ انْتِظَاري وَالزَّمَانُ مُهَادِنٌ
وَلَا تَنْضَجُ السَّاعَاتُ فَالْوَقْتُ بَدْرِي
تَحَسَّسْتُ أَكْيَاسَ الْكَلَامِ بِجَعْبَتِي
تَلَمَّسْتُ وِزْرِي
وَحَرَّرْتُ مِنْ جَيْبِي سَمَالَةَ صُرَّةٍ
لِأَيَّامِ يُسْرِ
وَشَخْشَخْتُهَا والْأُذْنُ تُصْغِي لَهَا عَسَى
صَرِيرُ دَنَانِيري يُهَدِّئُ جَمْرِي
وَمَا صَفَرَتْ أَصْدَاءُ صَلْصَلَةٍ بِهَا
وَلَا أَيُّ صرِّ
وَقَلَّبْتُهَا جَمًّا وَنَفَّضْتُ عُبَّهَا
فَلَا قِرْشَ يَسْرِي
وَأَعْبُرُ شُحَّ التِّيهِ وَالْجَدْبُ مُوغِلٌ
وَأَمْرُقُ عَبْرِي
هُنَا.. جَفَّ حِبْرِي
وَغِيضَتْ تَرَاتِيلِي وُنَزْوَةُ سُكْرِي
فَجَفَّلْتُ أَوْرَاقِي.. وَهَجَّرْتُ جِذْرِي
بِدَأْبِ الْـمُصِرِّ
وَكَسَّرْتُ أصْنَامِي.. وَأَهْدَرْتُ هَدْرِي
وَلَـمَّا اسْتَطَارَتْ مِثْلَ (تَارِحَ) غَضْبَتِي
تَحَاشَيْتُ شَرِّي
لَعِبْتُ مَعَ الدُّنْيَا عَلَى أُخْرَوِيَّتِي
إِذَا مَا انْتَهَى شَوْطٌ تَقَصَّمَ ظَهْرِي
وَصَافِرَةٌ تَسْقِي الْـمُبَارَاةَ نُهْيَةً
لَهَا وَاحِدٌ فِي كُلِّ شَوْطٍ لِصِفْرِ
فَلَـمْلَمْتُ ذُعْرِي
بِصُرَّةِ إِيمَاني وَبُقْجَةِ كُفْرِي
وَجَرْجَرْتُ نَفْسِي نَحْوَ مَشْرَحَةٍ عَلَى
مَشَارِفِ جَرِّي
وَغُسِّلْتُ فِي مِسْكٍ بِحُلْوِي وَمُرِّي
وَلَفْلَفْتُ في الْأَكْفَانِ أَنْفَاسَ خَيْبَتِي
وَحَنَّطْتُ فِي سُخْطِي فَتَافِيتَ صَبْرِي
وَصَلَّى عَلَىَّ الْجَمْعُ وَالنَّعْشُ نَائِمٌ
بِتَكْبِيرَةٍ آَنَ التَّبَتُّلِ بِكْرِ
فَمِي مُسْهِبٌ فِي الصَّوْمِ وَالْوَضْعُ مُزْرِ
وَقَامَتْ قِيَامَاتُ الْعَزَاءِ لِثَغْرِي
بِسَيَّارَةٍ نَفَّذْتُ وَالشَّحْنُ جَبْرِي
قَوَائِمَ تَرْحِيلَاتِ هُلَّاكِ شِعْرِ
عَلَى الْـمِقْعَدِ الْخَلْفِيِّ أَرْكَبْتُ عُمْرِي
شُحِنْتُ وَطَارَ النَّعْشُ حَتَّى الْـمَقَرِّ
عَوَى التُّرَبِيُّ اكْتَالَ غَمًّا بِصَدْرِ
وَقَالَ إِذَا مَا اشْتَاطَ غَيْظًا بِمُرِّ:
(جَرَتْ مَرَّةً أُخْرَى جِنَايَةُ نَحْرِ
لِشِبْلٍ صَغِيرٍ بَلْ لِأَصْغَرِ هِرِّ
لِلَفْظٍ صَغِيرٍ في أَوَاسِطِ سَطْرِ)
وَسَلَّمَ مِفْتَاحًا لِنَبَّاشِ سِرِّي
مَلَائِكَةٌ بِالنَّعْشِ تَجْرِي وَتَحْرِي
(بُنُوكًا) لِأَهْدَافِ الرَّدَى الْـمُسْتَمِرِّ
طَرِيقِي فُكَاهِيٌّ تُجَاهَ الْـمَمَرِّ
وَأَنْسَانِيَ الشَّيْطَانُ تَدْوِينَ لَعْنَتِي،
وَسِحْرِي.. عَلَى جَبَّانَةِ الْـمُسْتَقَرِّ
وَشَاهِدِ قَبْرِي
وَأَكْتُبُ: “يَا شِعْرُ اخْتِفَاؤُكَ قَسْرِي”
وَأُغْلِقَ بَابِي وَالْحِسَابُ مُجَمَّعٌ
تَحَرَّى دُهَامُ الْقَبْرِ عَنْ فِعْلِ دَهْرِي
عَلَامَ عِقَابِي في الدُّجَى؛ لَسْتُ أَدْرِي!
فَمِي صَائِمٌ وَاللَّيْلُ وَدَّعَ فَجْرِي
فَمِي تُرْبَةٌ وَالْقَبْرُ في الْقَبْرِ مُغْرِ
وَدَبَّجَ فَتَّانَا الْقُبُورِ عَرِيضَةً
بِهَا أَلْفُ أَجْرِ
تُعَوِّضُنِي عَنْ سِنِّ يَأْسِي وَكَسْرِي
وَقَالَا: (لِـمَاذَا جِئْتَنَا؟ كَيْفَ يَا تُرَى؟
وَلَمْ يَنْجُ فَرْدٌ حِينَ غَاصَتْ بِقَعْرِ
سَفِينَةُ (نُوحٍ) مِنْ تَعَنُّتِ غُزْرِ)
فَقُلْتُ: (نَجَوْنَا بِالْكَلَامِ وَبَجْسِهِ
(كَيُونُسَ) إِذْ أَنْجَتْهُ حَضْرَةُ ذِكْرِ)
فَقَالَا: (فَمَا بَالُ الْقَصَائِدِ وَالشِّعْرِ هَلْ
قَصِيدُكَ ثَوْرِيٌّ وَنَصُّكَ عَالِقٌ
بِلَوْحٍ ودُسْرِ
وَخَلْقِ عَدُوٍّ زَائِفٍ وَضَغِينَةٍ
لِسَاكِنِ قَصْرِ؟)
فَقُلْتُ: (مَعَاذَ اللهِ مَا كَانَ مَذْهَبِي
أُبَدِّلُ وَعْيًا لِلْقَطِيعِ بِطُهْرِي
أَوِ النَّهْشَ كَالْدَّهْمَاءِ مِنْ لَحْمِ حَاكِمٍ
وَلَا دَاءَ تَعْلِيلِ اتِّكَالِي بِقَهْرِ
بِحَقِّ لَيَالٍ في الْبَسِيطَةِ عَشْرِ
وَشَفْعٍ وَوَتْرِ
تَصَعَّرَ خَدِّي لِلْضَلَالِ وَكَوْكَبِي
تَحَنَّأَ في خَدِّ الْإِبَاءِ بِفَخْرِ)
فَقَالَا بِقَرِّ:
(تَنَحَّ بَعِيدًا أَنْتَ صَاحِبُ عُذْرِ)
وَخَطَّا انْعِتَاقًا فَوْقَ أَوْرَاقِ سِدْرِ
فَغَادَرْتُ نَارَ اللَّحْدِ أَحْمِلُ سِفْرِي
وَهَرَّبتْ مِنْ سِجْنِ الْقُبُورِ الْغِنَاءَ إِذْ
تَأَبَّطَ قَوْلِي.. (الْبُحْتُرِي) (وَالْـمَعَرِّي)
دَلَجْنَا إِلَى مَقْهَى (عُكَاظَ) وَسُوقِهِ
بِضَغْطَةِ زِرِّ
جَلَسْنَا وَأَثْقَلْنَا مَقَاعِدَ مَكْرِ
وَتَنْدُلُنَا في الرُّكْنِ رَبَّاتُ خِدْرِ
بِأَقْدَاحِ عُنَّابٍ وَهِنْدِيِّ تَمْرِ
شَدَدْتُ حِبَالَ الشِّعْرِ مِنْ رَثِّ عَصْرِ
وربَّقْتُ بَعْدَ السُّكْرِ شِعْري.. وَنَثْرِي
وَقُلْتُ “أَلَا هُبِّي بِصَحْنِكِ”؛ مِنْ نَدَى
قَصَائِدِ (عَمْرِو)
وَطَاوِلَةٌ تَأْوِي (الْقُشَاطَ) تَمَدَّدَتْ
وَقِطْعَةُ زَهْرٍ فَوْقَ طَاوِلَتِي ارْتَمَتْ
تُلَاعِبُ زَهْرِي
وَزَهْري عَلَى سِعْرِ الْـمَشَارِيبِ رَاهَنَتْ
نَرَاجِيلَ غَيْمَاتٍ بِلَفْحَةِ حَرِّ
تُقَايُضُ أَنْفَاسِي.. بِمَوْجَةِ صَرِّ
وَبِالثَّأْرِ مِشْوَارُ (الْـمُهَلْهِلِ) خَاسِرٌ
بِرَمْيَةِ زَهْرٍ مِنْ قَبِيلَةِ (بَكْرِ)
وَمَا زِلْتُ مِنْ مُسْتَنْقَعِ اللَّغْوِ أَغْرِفُ
مَقَاعِدُ.. في الْـمَقْهَى مِنَ الْغَيْمِ تُرْجِفُ
وَأَقْدَامُهَا.. في خِيفَةٍ تَتَحَسَّسُ
وُجُودًا لَهَا مَا بَيْنَ أَقْدَامِ صُحبَةٍ
مِنَ الْعَابِرينَ الْغَابِرِينَ وَزُمْرَةٍ
مِنَ الْخَارَجِ الْـمَأْزُومِ وَالْـمُزْنُ يَعْكُفُ
عَلَى كَفِّ سَائِرِ
وَأَقْدَامُهَا مِنْ أَقدَامِهِمْ تَتَوَجَّسُ
كَأَعْمَى طَرِيقٍ في الضُّحَى يَتَلَمَّسُ
وَأَشْتِيَةٌ تَنْهَالُ وَالْهَمْرُ.. يَزْحَفُ
مَقَاعِدُ مِنْ أَوْقَاتِنَا تَتَنَفَسُ
وَأَحْزَانُ عَابِرِ
تَفِرُّ إِلَيْهَا تَسْتَرِيحُ، وَتَجْلِسُ
كَفَشِّ ضَجِيجٍ مِنْ قِطَارِ مُسَافِرِ
كَفُرْشَةِ أَسْنَانٍ تُوَجَّهُ في فَمٍ
إِلَى حَيْثُ يُعْرَفُ
مَقَاعِدُ في لَا شَيْئِهَا تَتَكَدَّسُ
مَقَاعِدُ بِالْـمُلْقَى بِهِمْ تَتَلَحَّفُ
لَهَا دُخَلَاءُ اللَّيْلِ شَالٌ وَمِعْطَفُ
تَخِيطُ مِنَ الْأَغْرَابِ ثَوْبًا وَتَلْبَسُ
مَقَاعِدُ مِنْ هَمْسِ الْحِكَايَاتِ تَقْطِفُ
يُبَاغِتُ في جِنْحِ الشِّتَاءِ اخْتِبَاءَهَا
حَلِيفٌ وَمُؤْنِسُ
يَطُولُ عَلَيْهَا مَرَّ جَلْسَتِهَا الْـمُلَى
مُشَتَّتَةً وَلَا..
يَحِقُّ لَهَا بَعْدَ السُّؤَالَاتِ رَدُّ
إِذَا نَثَرَتْ كَالْعُودِ ضَوْعَ أَرِيجِهَا
بِشَوْقِ فَتَاةٍ سَاءَلَتْ “كَيْفَ أَبْدُو؟”
قُبَيْلَ خُرُوجِهَا
وَلَا رَدَّ عَمَّا تَكْتَسِيهِ وَتَلْبَسُ
وجَلْسَتُهَا بِلَا..
إِثَارَةِ قُمْصَانٍ بِعِشْقٍ تُقَدُّ
مَقَاعِدُ تَنْمُو في بَرَاثِنِ جَلْسَةٍ
وَلِلْغَيْرِ أَطْرَافُ الْجُذُورِ تُمَدُّ
مُبَعْثَرَةٌ أَفْكَارُهَا في هُمُومِنَا
فَتَبْدُو كَمَا تَبْدُو كَرَاكِيبُ شُرْفَتِي
كَبَعْثَرَةِ الْأَشْيَاءِ أَسْفَلَ سُلَّمٍ
بِبَهْوِ عِمَارَتِي
وَكَرْكَبَةِ الْأَغْرَاضِ في سَطْحِ مَنْزِلٍ
يَعِيشُ حِكَايَتِي
كَأَشْتَاتِ فَوْضَى
قَصَائِدِ نَثْرٍ.. بِالتَّمَزُّقِ مَرْضَى
كَلَيْلَةِ جُنْدِيٍّ نِهَايَةَ خِدْمَةٍ
وَحَفْلِ رَدِيفٍ في تَآكُلِ مُدَّةٍ
قَضَاهَا، وَأَمْضَى
وَرُوحِ بَتُولٍ في وَدَاعِ عُزُوبَةٍ
سَتُطْرَحُ أَرْضَا
بِبَرْنَامِجِ التَّوْدِيعِ أَغْرَتْهُ شِلَّةٌ
وَصَاحِبُ سُوءٍ بِاحْتِفَالٍ يُوَسْوِسُ
مَقَاعِدُ بَيْنَ الْحِينِ وَالْحِينِ تُخْطَفُ
تَفِزُّ ذِرَاعُ (الْقَهْوَجِيِّ) لِرَصِّهَا
كَفَحْمٍ عَلَى رَأْسِ النَّرَاجِيلِ وَضْعُهُ
يُجَاوِرُ بَعْضَا
كَسَارِي مُرُورٍ وَقْتَ نَظَّمَ ضَوْضَى
مَقَاعِدُ بِالْأَغْرَابِ تُشْعِلُ جَمْرَهَا
تُحَاوِلُ قَبْضَا
وَأَنْفَاسُ جُمْهُورٍ مِنَ الصَّمْتِ تَنْزِفُ
وَنَافِذَةٌ يَعْلُو شِتَاءَ غُيُومِهَا
حَنِينٌ مُكَثَّفُ
قِطَارٌ بُخَارِيٌّ بِهَا يتَنَفَّسُ
وَلَغْوٌ مُهَسْهِسُ
نَوَافِذُ في أَكْفَانِهَا الْحَشْدُ يَجْلسُ
مُثَابِرَةً تَبْنِي سِيَاجًا وَعُزْلَةً
وَأَشْبَاحُ طَيْرٍ لَا تُبَارِحُ خَلْفَهَا
وَعُصْفُورَةٌ تَمْشِي ذِهَابًا وَجِيئَةً
عَلَى جَبْهَةِ الْأَمْطَارِ بَيْنَ الْهُلُوعِ في
دُنًى تَتَرَجَّفُ
نَوَافِذُ في سَيْلِ الْحَنِينِ تُزَفْزِفُ
نَمُرُّ عَلَيْهَا بِالْأَنَامِلِ كَيْ نَرَى
قَتَامَةَ مَا يَجْتَازُ خَطَّ حُدُودِنَا
كَمَا يَمْسَحُ التِّلْمِيذُ تَخْتَةَ فَصْلِهِ
لِتَنْجُوَ مِنْ فَخِّ الطَّبَاشِيرِ عَتْمَةٌ
نَوَافِذُ يَحْتَدُّ النِّقَاشُ وَرَاءَهَا
وَتَغْزُو أَحَادِيثُ الثَّقَافَةِ مَاءَهَا
تَفُضُّ أَحَادِيثُ الرُّوَاةِ حَيَاءَهَا
فَقِيلَ لِرَاوِي قِصَّةٍ: (لَا يَجُوزْ)
فَيَطْفَقُ في يَأْسٍ كَيَأْسِ الْعَجُوزْ
كَإِحْبَاطِ مُفْشِ السِّرِّ بَعْدَ سَمَاعِهِ
صَدَى طَعْنَةٍ إِنْ قِيلَ: (أَعْرِفُ مُسْبَقَا)
فَغَالَبَ ذَا الرَّاوِي الْقُنُوطَ لِيَنْطِقَا
وَوَزَّعَ أَسْرَارًا (كَسَانْتَا كِلُوزْ)
وَحَدَّثَنَا بِالْعَارِ في دَارِ نَشْرِ
بِشِعْرٍ حَدَاثِيٍّ تُبَاهِي وَتَحْتَفِي
وَمَالِكُهَا مَا ارْتَاحَ مِنْ هَتْكِ سِتْرِ
وَقَدْ وُكِّرَتْ في الدَّارِ غُرْفَةُ نَوْمِهِ
وَجَهَّزَ تَارِيخًا لِصَيْدِ فَرِيسَةٍ
تَحَضُّرُهُ أَعْلَى الْبَدَاوَةِ قِشْرَةٌ
عَلَى وَجْهِهِ الْخَفِي
بِشَاعِرَةٍ في خِسِّةٍ يَتَحَرَّشُ
فَتَنْزَعُ عَنْهُ الرِّيشَ نَزْعًا وَتَنْكُشُ
فَيَنْفِي وَيَنْفِي ثُمَّ يَنْفِي فَتُنْسَى
وَلَا بُدَّ أَنْ تَبْقَى الضَّحِيَّةُ خَرْسَا
بِبَالُوعَةٍ يُرْمَى مَلَفُّ الْقَضِيَّةْ
وَأَيْنَ الضَّحِيَّةْ؟
مُسَافِرَةٌ بِالْيَأْسِ نَحْوَ (فَرَنْسَا)
لِعَاصِمَةِ الْأَضْوَاءِ كَيْلَا تُمَسَّا
وَعَاصِمَةُ الْفَخِّ الثَّقَافِيِّ تُدْهِشُ
عَبِيدَ التَّكِيَّةْ
إِلَى حَيْثُ تَلْقِينِ الرِّجَالِ تَحَضُّرًا
بِهِ الرَّجُلُ النِّسْوِيُّ أَيْقُونَةٌ لِـمَنْ
تَصَدَّرَ مَاخُورَ الثَّقَافِةِ وَالْعُلَى
أُولَئِكَ مَنْ صَارَ التَّحَضُّرُ عِنْدَهُمْ
(سِلُوفَانَهُمْ) حَتَّى يُغَطَّى بِهِ الزِّنَى
وَحَدَّثَنَا الرَّاوِي بِمَحْضِ غَبَاءِ
بِأَنَّ جَمَاهِيرَ الثَّقَافَةِ جُلَّهُمْ
قُلُوبُ نِسَاءِ
وَنَحْنُ (كَمَرْيُونِيتَ) في مَسْرَحٍ إِذَا
أَشَارَتْ نُلَبِّي في اخْتِبَارِ رِيَاءِ
وَمِنْ مِهَنٍ (عُلْيَا).. مِنَ النُّشَطَاءِ
مُحِيطٌ يُجِيدُ النَّقْلَ في كُلِّ فُرْصَةٍ
مِنَ الْفِكْرِ وَالْأَخْلَاقِ حَتَّى الْهَوَاءِ
مُحِيطٌ يُجِيدُ النَّقْلَ، دُونَ انْتِقَاءِ،
وَتَقْلِيدَ مَا يُمْلَى عَلَيْهِ بِصَنْعَةٍ
وَإِنْ كَانَ صَوْتًا مِنْ صُرَاخِ مُوَاءِ
بِلَا كِبْرِيَاءِ
تُوَجِّهُهُ شرقًا قُوًى لِلشِّرَاءِ
وَجَائِزَةٌ فِي إِثْرِ جَائِزَةٍ لَهَا
صًنَانُ الْبِغَاءِ
فَضَاعَ هُنَا الرَّاوِي بِشَرْبَةِ مَاءِ
وَتُسْحَبُ أَمْطَارُ السَّما مِنْ شِتَائِي
وَعَادَ إِلَيَّ الْوَحْيُ في يَوْمِ حَشْرِ