قصيدة حالتي بنغازي

Home » منتدى القصائد » قصيدة حالتي بنغازي

عدد أبيات القصيدة

١٠٠

أَبَدًا،  أَنَا  النِّصْفُ  الـمُعذَّبُ   للأَسَفْ

في   قُطْرِ دَائِرةٍ سَكَنْتُ  الـمُنْتَصَفْ

 

لَوْنِي  رَمَادِيٌّ        مَصِيرِي      مُبْـهَمٌ

كَحَديثِ حَظِّ اليَوْمِ في بَعْضِ الصُّحُفْ 

 

أَنَا   جَنَّةُ    الـمَأْوَى،     وصَبْوَةُ    عَاشِقٍ

وَأَنَا   التي   في    قَلْبِـها    مَاتَ    الشَّغَفْ

 

أَنَا  شَرْقُ     مَوْطِنِ     ذِكْرَياتٍ    تَائِهٍ

وَأَنَا   حَنِينُ    جَنُوبِ  غَرْبي الْـمُخْتَطَفْ

 

وَأَنَا السَّرابُ، أَنَا الصِّراطُ    الـمُسْتَقِيـ

ــمُ، الديْدبَانُ،  كَأَنَّني  حَرْفُ     الأَلِفْ(١)

 

وَأَنَا   التي  عَنْ   خَطِّها  الـمَرْسُومِ  مِنْ

كُلِّ       الذينَ     تَآمَرُوا      لا     تَنْحَرِفْ

 

أَنَا     رَدُّ   فِعْلٍ،         وانْحِيَازٌ       للسُّكُو

تِ، عَلَى     الحِيَادِ، أَنَا التي   لَا تَخْتَلِفْ

 

مَطْوِيَّةٌ               مَقْهُورَةٌ             مَغْمُورَةٌ

مَرْكُونَةٌ    فَوْقَ   الرَّفَارِفِ    كالتُّحَفْ(٢)

 

وَأَنَا         البَريئَةُ،     وَالْوَدِيعَةُ،     وَالتي

خَجَلَتْ،  وإِنْ   هَمَّتْ   بِنُطْقٍ   تَنْكَشِفْ

 

وأَنَا       بِلادُ        التَّائِـهينَ،     وحِضْنُهُمْ

وَأَنَا    مَغَارَاتُ   اكْتِشَافِ    الـمُكْتَشِفْ

 

أَنَا     سِيرةٌ     ذَاتِيَّةٌ،     ذِكْرَى        حُرُو

فٍ صُورَةٌ،   رَقَمٌ،   وَحَشْوٌ    في    الـمَلَفّْ 

 

وَأَنَا     نِهايَاتُ   الغَرَامِ       وغُرْبَةُ      الْــــ

ـمَنْفى،   ونِسْيَانٌ،    ووَقْتٌ    قَدْ     أَزِفْ 

 

وَأَنَا الحَبِيسَةُ في الجِوَارِ، أَنَا  الكَتُو

مَةُ في  الْحِوَارِ ، أَنَا   التي لا  تَنْجَرِفْ 

 

ونَشِيجُ    أَضْعَفِ   طِفْلَةٍ  إِنْ حُوصِرَتْ

لَمْ تَحْتَمِلْ؛    بِأَقَلِّ   ضَغْطٍ    تَعْتَرِفْ(٣)

 

وَأَنَا    التي    حُكِمَتْ      بِمِيزَانِ    الْحَيَا

بِصُكوكِ       تَبْرِئَةٍ       بِمِيزَانِ    الشَّرَفْ 

 

وَأَنَا   الـمُدَانَةُ، والـمُلامَةُ  رَغْمَ  مَعْـــ

ـرِفةِ الجَمِيعِ  بِأَنَّني لَسْتُ    الطَّرَفْ 

 

وَأَنَا  التي  تَمْشي عَلَى حَبْلِ  احْتِمَا

لاتٍ عَلَى   أَعْلَى شَفَا   جُرْفٍ تَقِفْ 

 

وَأَنَا   التي    تَرَكَتْ       أُمُورَ     حَيَاتِها

تَرْضَى  بِقِسْمَتِها   انْتِظَارًا  للصُّدَفْ(٤)

 

وَأَنَا التي قَدْ صَدَّقتْ مَنْ  حَضَّرَ    الْــــ

ـعِفْريتَ، فيها،   دُونَ صَرْفٍ،    وَانْصَرَفْ 

 

وَأَنَا    التي   ضَلَّتْ   قِطَارَاتِ     الْحَيَا

ةِ أَنَا    التَّلاشي،     والفَنَاءُ، أَنَا   التَّلَفْ

 

قَلْبِي     مَتَاهَاتٌ         أَتَاوِيهي      اخْتِبَا

ءٌ في     الْـمَهَامِهِ     عُزْلَةٌ     لِلْمُعْتَكِفْ(٥)

 

رُوحِي      تَصَوُّفُ      عَابِدٍ،       ونَسِيكَةٌ

للَّهِ،   زَيْتُ       نُوَيْسَةٍ       لِلْمُكْتَهِفْ(٦)

 

وَأَنَا     التي     أَنَّاتُها     بَذَخٌ،    رَفَا

هِيَةٌ، بُلَهْنِيَةٌ،    وَشَكْوَاها    تَرَفْ(٧)

 

وأَهِيمُ    كَالْهَيْمَاءِ    في      يَهْمَاءِ      نَا

رٍ شَرْبَتي  عَطَشٌ، ومَدْعَاةُ   السَّهَفْ(٨)

 

وَأَنَا    شَهِيدَةُ  عِشْقِها،     وَخَريفُ  عُمْــ

ـــرِ الزَّيْزَفونِ، وَيُبْسُ وَرْدٍ  إنْ  قُطِفْ(٩)

 

أَنَا    لَذَّةُ   النَّشْوَانِ  بِاهْديدارِ     شَهْــ

ــدٍ  في   الْجِرَارِ،  ودُونَما   أَنْ  يُغْتَرَفْ(١٠)

 

وَأَنَا    اسْتِطابَاتُ  التَمَطُّقِ   أَوْ    بَقَا

يا دَنِّ طَرْمٍ   في   رَشِيفِ الْـمُرْتَشِفْ(١١)

 

وَأَنَا    التي      قَدْ    قِيلَ   عَنْها     إِنَّهَا

أَشْهَى  النَّسَائِرِ   إنْ  أَكَلْتَ  مِنَ الْكَتِفْ

 

وَأَنَا   الْخُلَاصَةُ،   والْعُصَارَةُ،     والْعِبَا

رَةُ،  واقْتِبَاسٌ  في   الْـمَآسِي  مُقْتَطَفْ

 

أُحْجِيَّةٌ    بَيْنَ    السُّطورِ، وسِرُّ      كَنْــ

ـــزٍ، والْغُموضُ مِنَ  الْكَلَامِ الْـمُسْتَشَفّْ

 

أَنَا    تِمُّ     بَدْرٍ    نَالَ   مِنْ    دَيْجورِ   لَيْــ

ــلٍ، واشْتَهَى نَجْمَاتِ دُهْمَاتِ السُّدَفْ(١٢)

 

وَأَنَا    الرِّنَا،     قَمَرٌ     ثُلَاجِـيُّ      الْـمُحَيْـــ

ـيـَـا لُؤْلُؤَانُ   الطَّيْفِ  غَرَّ   إِذَا   لَحَفْ(١٣)

 

وَأَنَا    الرَّكِيزَةُ،         والْخَبِيئَةُ،      والدَّفِيــ

ـــنُ، وحُسْنُ قَمْرَاءِ اللآلِـئِ في الصَّدَفْ(١٤)

 

وَصَبِيَّةٌ   مِنْ    بَيْنِ   قُضْبانِ    النَّوَا

فِذِ دَلْدَلَتْ  سَاقَ  التَّأَرْجُحِ    لا   تَكُفّْ

 

وَكَلَامُها             لِلْعَابرينَ،        وَزَقْزَقَا

تُ بُكَائِها  مِنْ   فَرِّ    عُصْفُورٍ   وَهَفْ(١٥)

 

وَحَنِينُ   مُرْهَقَةٍ     إِذَا     مَرَّتْ          عَلَيْــ

ــهَا، وارْتَأَتْ     ذِكْرَى      بِقَلْبٍ    مُلْتَهِفْ

 

فَتَلَقَّفَتْها             أُمُّها       بَعْدَ       الْـمَآ

بِ بشَجْوِ قَلْبٍ؛ ذَاكَ قَلْبي  إنْ وَجَفْ(١٦)

 

أَنَا     نَوْمَةٌ     للعَاشِقَيْنِ   عَلَى   الْجَلِيـــ

ــدِ، وَلُعْبَةٌ       بِكُرَاتِ      ثَلْجٍ    تَرْتَكِفْ(١٧)

 

وَشُعُورُ    أَوَّلِ   لَـمْسَةٍ   لَهُما،   وتَشْــ

ــدِيدُ الحِرَاسَةِ  وَقْتَ  تَشْبِيكِ  الْأَكُفّْ

 

وَتَخَافُتٌ    إِنْ    هَمْهَمَا         بالهَسْهَسَا

تِ، وخَفْتُ مَهْمُوسِ الكَلَامِ الْـمُنْتَسَفْ(١٨)

 

أَنَا     قَلْبُ  أُمٍ      لَمْ       تَقَرَّ     عُيونُها

أَنا   عَيْنُ  (يَعْقُوبَ)  الشَّجِـيِّ  إِذَا  ذَرَفْ

 

أَنَا حَاجَةٌ في  نَفْسِ  (يَعْقُوبَ)    اسْتَقَرْ

رَتْ بارْتِيَاعٍ    قَرَّ  في    عَيْنٍ     تَرِفّْ(١٩)

 

وَجَمَالُ   يُوسُفَ   في عُيُونِ  مَنِ   اسْتُهيـ

ــمَ، ومَنْ    تَعَشَّقَهُ  بيَأْسٍ،     وَانْشَغَفْ

 

وَوَمِيضُ   وَجْهِ  مُرَاوَدٍ،    وبَريقُ   سِكْــ

ـــكِينٍ  لـِمَنْ  في  سِتْرِ     مُتَّكَإٍ         نَزَفْ

 

أَنَا  غِيرَةُ     الـمِغْيَارِ     مِنْ    حِلِّيْنِ     في

وَادٍ    جَدِيبٍ    غَيْرِ   ذِي   زَرْعٍ    وَرَفْ(٢٠)

 

وَخَلِيطُ    خَيْبَاتٍ،   ومِشْوَارُ     انْقِطَا

عٍ للرَّجَا،    أَيْنٌ،  وظَهْرٌ     مُنْقَصِفْ(٢١)

 

أَنَا   يَأْسُ  عَاشِقةٍ   إِذَا    عَاشَتْ    عَلَى

فَرْطِ التَّمَنِّي،   واسْتَكَانَتْ  للشَّعَفْ(٢٢)

 

وَقُنُوطُ نُوحٍ          مِنْ      مُفارِقِهِ      إِذَا

مَا  فارَ   تَنُّورُ    الحَمِيمِ    الـمُنْقَذِفْ(٢٣)

 

وَسَفِينَةٌ     مَرْفُوءَةٌ      قَسْرًا     عَلَى

جُودِيِّ    آهَاتِ الحَوَائِجِ، والجَفَفْ(٢٤)

 

وَغُرابُها إِنْ    غِيضَ   حُزْنٌ،    واسْتَوَتْ

لَمْ  يَقْتَصِصْ  خَبَرًا  لِدَمْعٍ مُنْتَشَفْ(٢٥)

المعاني

(١) الديدبان: الحارس.

(٢) الرفارف: الرفوف.

(٣) نشيج: الصوت أثناء البكاء.

(٤) الصدف: مفردها صدْفة: مصادفة أو دون قصد: معجم المنجد والأساسي، المعجم المفصّل في دقائق اللغة العربيّة-إميل بديع يعقوب ص٢٣٧، القرارات المجمعيّة ص١٨٥ والعيد الذهبي لمجمع اللغة العربية ص  ٣٣١، معجم الصواب اللغوي-أحمد مختار عمر ص٤٨٦.

(٥) أتاويه: مفردها تيه، مهامه: مفردها مهمه: الصحراء البعيدة المقفرة.

(٦) نسيكة: ذبيحة أو أضحية، نويسة: نوّاسة: طوّافة: قدح بفتيلة ومادة مساعدة على الاشتعال يستضاء به ليلا، مكتهف: ساكن الكهف.

(٧) بلهنية: رفاهية.

(٨) هيماء: عطشانة، يهماء: صحراء، مدعاة السهف: مسببة للعطش.

(٩) الزيزفون: شجر عطريّ.

(١٠) اهديدار: صوت انسكاب الماء في الجرار.

(١١) استطابات: مفردها استطابة: تلذّذ، التمطّق: التلذّذ بالطعام بصوت، دنّ طرم: جرة شهد عسل.

(١٢) تمّ بدر: كمال بدر، ديجور: ظلمة، دهمات: ظلمات، السدف: ظلمات.  

(١٣) الرنا: ما يُرنى إليه لحسنه، ثلاجيّ: شديد البياض، لؤلؤان: برّاق وصاف كاللؤلؤ، غرّ: ابيضّ، لحف: دخل في المحاق.

(١٤) الركيزة، الخبيئة، الدفين: الكنز المدفون، قمراء: شبيهة القمر.

(١٥) فرّ عصفور: فرار عصفور، وهف: طار.

(١٦) تلقّفتها: التقطتها، وجف: اضطرب أو ارتجف.

(١٧) ترتكف: ترتكز على الأرض.

(١٨) تخافت: تناجي بالهمس سرًّا، هسهسات: الكلمات الخافتة، خفت: خفوت، مهموس: الكلام الخافت، المنتسف: المهموس.

(١٩) حاجة في نفس يعقوب:  يُقال عنه الخوف أو الخوف من الحسد، قرّت: استقرت، أقامت، ترفّ: ترمش.

(٢٠) المغيار: شديدة أو شديد الغيرة، حلّين: مقيمين، جديب: يابس، ورف: ورق مخضَرًّا.

(٢١) للرجا: للرجاء، أين: تعب، منقصف: منكسر.

(٢٢) الشعف: شدّة العشق.

(٢٣) قنوط: يأس، مفارقه: الذي فارقه، تنّور: ينبوع ماء ملتهب كامن في بطن الأرض، حميم: الماء الملتهب.

(٢٤) مرفوءة: مشرفة على المرسى، جوديّ: جبل استوت عليه سفينة نوح، الحوائج: مفردها حاجة، الجفف: الحاجة.

(٢٥) غيض حزن: اختفى، منتشف: مجفّف، استوت: رست على جبل الجوديّ، غراب نوح: يضرب به المثل في الرسول الذي لا يعود، وقد بعثه سيّدنا نوح ليستطلع له جفاف الأرض ولم يعد.

تحقق أيضا من

قصيدة أشتاتا أشتوت

وربّ طارق ليلٍ قال في شغفٍ: (علّمنيَ الشعرَ) قلتُ: (الشعرُ كالآتي)