عدد أبيات القصيدة
شَكٌ يُسَاوِرُني.. بِأَنَّكِ تَعْرِفِينْ
أَنِّي أُحِبُّكِ تَائِهًا.. حَتَّى الْجُنُونْ
حُبًّا عَجِيبًّا.. يَا فَتَاةَ الْيَاسَمِينْ
عَيْنَاكِ نَارُهُمَا هُنَا
في الْعِشْقِ تَقْرِضُني بَعِيدًا
في الْهَوَى
ذَاتَ الشِّمَالِ، وَلَا تَلِينْ(١)
وَمَشَاعِرُ الْأُنْثَى تَزَاوَرُ
عَنْ مَدِينَةِ حُبِّنَا ذَاتَ الْيَمِينْ(٢)
وَأَنَا سَجِينٌ في هَوَاكِ.. أَنَا سَجِينْ
مِنْ خَلْفِ صَفْحَاتِ التَّوَاصُلِ
أَخْتَفِي كَالْـمُخْبِرِينْ
وَأُتَابِعُ الْأَخْبَارَ في صَمْتٍ،
وَأَبْكِي في سُكُونْ
عِشْقُ التَّخَيُّلِ شَائِعٌ خَلْفَ السُّجُونْ
أَشْكُو بِهَا بَثِّي،
وَحُزْنِي في الْهَوَى،
وَاسْتَيْأَسَ الْقَلْبُ الْحَزِينْ(٣)
قَلْبِي سَجِينٌ في الْهَوَى،
رُوحِي انْزَوَتْ
بِغَيَابَةِ الْجُبِّ الْحَصِينْ(٤)
يَا صَاحِبِيْ سِجْنِي..
أَيَا قَلْبِي الْحَنُونْ
قُلْ لي بِرَبِّكَ..
كَيْفَ أَعْتَزِلُ الْحَنِينْ
أَزْدَادُ في هَذَا السَّرَابِ
تَعَلُّقًا بِالْآخَرِينْ
غنَّيتُ آلَافَ الْقَصَائِدِ لِلنِّسَاءِ،
حَكَيْتُ عَنْهَا..
قُلْتُ عَنْ صَمْتِي،
وَعَنْ حُزْنِي الْـمُهِينْ
قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ مِنْ هَذَا الْغَرَامِ..
بِحَسْرَةٍ فَوْقَ الصُّحُونْ
وَأَبُثُّ حُزْنِي في الْهَوَى
كَتَوَجُّعِ الشَّحْرُورِ مَا بَيْنَ الْغُصُونْ(٥)
غَنَّيْتُ لِلْعَيْنَيْنِ.. أَبْكَيْتُ الْجُفُونْ
وَالْحُزْنُ يَقْتُلُنِي، وَيَعْصِرُنِي الْأَنِينْ
مَا بَيْنَ أَحْجَارِ الرَّحَى
مِثْلَ الطَّحِينْ
كُلُّ الْعَذَابِ لِأَجْلِ عَيْنَيْهَا
يَهُونْ
طَالَ البِعَادُ حَبِيبَتِي
في غُضَّةِ الْحُبِّ اللعِينْ(٦)
تَتَمَنَّعِينَ، وَتَزْهَدِينْ
وَتُشَكِّلِينْ
قَلْبَ الْفَتَى مِثْلَ الْعَجِينْ
وَبِمَنْ عَلَى هَذَا التَّمَنُّعِ..
أَسْتَعِينْ؟
وَالْعِشْقُ يُوغِلُ في حَنَايَا الرُّوحِ..
يَسْرَحُ في كُمُونْ(٧)
وَالْحُزْنُ..
يَسْكُنُ في خَبَايَا الْقَلْبِ
..يَنْزَحُ في غُضُونْ(٨)
مِنْ جَيْشِ عَيْنَيْكِ الذِي يَجْتَاحُ..
تَنْهَارُ الْحُصُونْ
عَيْنَاكِ فَنٌ خَالِصٌ..
عَيْنَاكِ مَدْرَسَةُ الْفُنُونْ
في حُبِّكِ الْـمَحْفُورِ في قَلْبِي
أَكُونُ حَبِيبَتِي.. أَوْ لَا أَكُونْ
وَأَنَا أَمُوتُ حَبِيبَتِي..
وَبُرُودُ قَلْبِكِ.. بِالْـمَشَاعِرِ..
يَسْتَهِينْ
وَغَرِقْتُ في ذِكْرَى الْحَنِينِ
لِشُوشَتِي،
وَسَكِرْتُ..
مِنْ خَمْرِ الْعُيونِ حَبِيبَتِي،
وَالسُّكْرُ طِينْ(٩)
وَأَقُودُ نَفْسِي في سَرَابِكِ
دُونَ رُخْصَةِ حُبِّنَا،
وَأُخَالِفُ الدُّنْيَا،
وَأَخْتَرِقُ الْحَوَاجِزَ، وَالْكَمِينْ
مُتَوَقِّفٌ حَالِي..
وَأَنْتَظِرُ الْـمَوَاجِعَ دَائِمًا،
وَالْوَضْعُ شِينْ(١٠)
مِنْ خَلْفِ صَفْحَاتِ التَّوَاصُلِ
تَظْهَرِينْ
وَأَحُسُّ بِالدُّنْيَا.. لِأَنَّكِ تَظْهَرينْ
أَرَأَيْتِ جِلْدَ الطِّفْلِ يَوْمًا
حِينَ يَخْرُجُ لِلْحَيَاةِ..
نُعُومَةُ الدُّنْيَا بِهِ..
لَوْ تَعْرِفِينْ!
مِنْ خَلْفِ صَفْحَاتِ التَّوَاصُلِ
تَظْهَرِينْ
وَأُصَالِحُ الدُّنْيَا بِحِضْنٍ
في ظُهُورِكِ عِنْدَمَا تَتَصَفَّحِينْ
أَتَحَسَّسُ الْأَخْبَارَ مِمَّا تَكْتُبِينْ
وَأُنَجِّمُ الْأَحْوَالَ مِمَّا تَنْشُرِينْ
لَوْ تَسْمَحِينَ حَبِيبَتِي..
لَوْ تَسْمَحِينْ
لَنْ أَبْرَحَ الْأَوْهَامَ حَتَّى تَأْذَنِي،
وَتُقدِّمي لي طعنةً، ومصيبةً
في الْقَلْبِ تَنْتَزِعُ الْهَوَى،
وَتُؤَجِّلُ الْإِحْسَاسَ، وَالنَّجْوَى
لِحِينْ
عِشْقُ الْخَيَالِ حَبِيبَتِي
سَيَقُودُنِي.. لِـمَصَحَّةٍ نَفْسِيَّةٍ..
سَيَزِيدُ مِنْ عَصَبِيَّتِي..
وَغَرَامُكِ الْـمَيْؤُوسُ مِنْهُ..
حَبِيبَتِي..
أَضْحَى أَخِيرًا حِمْيَتي،
وَنِظَامِيَ الْفَعَّالَ
في حَرْقِ الدُّهُونْ(١١)
وَمَتَاجِرُ الْبُؤْسِ التَّعِيسِ
أَنَا لَهَا.. أَوْفَى زُبُونْ(١٢)
مِنْ خَلْفِ صَفْحَاتِ التَّوَاصُلِ
تَظْهَرِينْ
وَأَنَا أَبُوحُ حَبِيبَتِي..
في الشِّعْرِ.. بِالسِّرِّ الدَّفِينْ
لَا شَكَّ أَنّكِ يَا حَيَاتِي تَعْرِفِينْ
يَتَفَقَّدُ الْأَحْبَابُ شِعْرِي دَائِمًا..
عَنْ لَوْعَتي يَتَكَلَّمُونْ
وَسَأَلْتُهُمْ عَنْ رَأْيِهِمْ في الشِّعْرِ..
لَا يَتَفَوَّهُونْ!
صَعْبٌ عَلَيْهَمْ..
رُبَّمَا لَا يَفْهَمُونْ
وَتَبُوحُ عَنْكِ قَصَائِدِي أَبَدًا،
وَهُمْ لَا يَشْعُرُونْ
لَكِنَّهُمْ بِوَقَاحَةٍ يَتَغَامَزُونْ
وَيُهَرِّجُونَ،
وَيَضْحَكُونَ عَلَى انْكِفَائِي..
في مُجُونْ
شَرُّ الْبَلِيَّةِ في الْهَوَى
يَا حَسْرَتِي..
قَدْ يُضْحِكُ الْـمُتَفَرِّجِينْ(١٣)
آهٍ عَلَى حَالِي..
وَحَالِ الْـمُتْعَبِينْ
في الْعِشْقِ تَبْرِينَا الشُّجُونْ
فَجَمِيعُنَا عِنْدَ الْغَرَامِ مُعَذَّبُونْ
وَجَمِيعُنَا في الْهَمِّ،
وَالْحُبِّ الْـمُهَيْمِنِ مُحْضَرُونْ
يَا أَيُّهَا الْـمَلَأُ
الذِين تَعَذَّبُوا في الْحُبِّ..
أَفْتُونِي بِصِدْقٍ في غَوَايَةِ
حُبِّهَا،
وَتَصَرُّفِ الْقَلْبِ الْـمُشِينْ
قَالُوا: (إِذَنْ أَحْبَبْتَهَا؟
عِشْقٌ،
وَمَكْتُوبٌ لَهَا فَوْقَ الْجَبِينْ
قَلْبٌ يُدَانُ كَمَا يُدِينْ
حُكْمُ الْهَوَى..
في وَقْتِ تَسْدِيدِ الدُّيُونْ
وَالْحُكْمُ يَنْفُذُ في الْغَرَامِ..
وَفَاتَ مِيعَادُ الطُّعُونْ
خُذْ مِنْ صَنُوفِ الْقَهْرِ..
مِنْ هَذَا الْعَذَابِ، وَبِالرَّفَاءِ..
وَبِالْبَنِينْ!)
(يَا أَيُّهَا الْـمَلَأُ الذينَ تَعَذَّبُوا
في الْعِشْقِ، وَالْحُبِّ الْـمَصُونْ
هَذَا إِذْنْ؟!.. (مُتَشَكِّرِينْ))
آهٍ عَلَى حَالِي.. وَحَالِ الْـمُغْرَمِينْ
آهٍ، وَآهٍ مِنْ فَتَاةِ الْيَاسَمِينْ
في عَالَـمِي الْوَهْمِيِّ أَدْمَنْتُ الْعُيُونْ
مَرَضٌ، وَيَسْرِي..
في قُلُوبِ الْعَاشِقِينْ
مُتَخَبِّطٌ مِنْ مَسِّهَا،
وَجَمَالُ عَيْنَيْهَا قَرِينْ
نَظَرَاتُهَا في الْحُزْنِ
قُرْصُ (الْأَسْبِرِينْ)(١٤)
مُتَلَخْبِطٌ في فَهْمِهَا،
وَتَيَقُّنِي.. أَنْ لَا يَقِينْ
لِلَّهِ، في خَلْقِ التَّآلُفِ بَيْنَ أَعْيُنِنَا..
شُؤُونْ
المعاني:
(٢) تزاور: تنحرف، تميل عن.
(٣) استيأس: يأس، قطع الأمل.
(٤) غيابة: قاع أو قعر، الجبّ: البئر.
(٥) شحرور: طائر غِرّيد حسن الصوت.
(٦) البعاد: مصدر باعد: البُعد، غصّة: مذلّة.
(٧) يوغل في: يمعن في، حنايا: أعماق.
(٨) غضون: تجاويف، وثنايا (جمع: غَضَن).
(٩) شوشة: أعلى طرف في الرأس.
(١٠) شين: الشّيْن: القبح، العيب، وأصلها بسكون على الياء.
(١١) حمية: الإقلال من الطعام ونحوه ممّا يضر كثرته.
(١٢) زبون: المتعامل مع مُقدِّم خدمة أو تجارة، ونحوه.
(١٣) بليّة: بلاء.
(١٤) قرص الاسبرين: دواء يستخدم لمعالجة الصداع.