قصيدة في الوقت الضائع

Home » منتدى القصائد » قصيدة في الوقت الضائع

عدد أبيات القصيدة

٧٨

انْتَظِري بَعْضَ الْوَقْتِ،

وَقُولِي شَيْئًا..

يَا رَاحِلَةً عَنِّي.. 

يَا مَنْ أَحْبَبْتُكِ

في الْوَقْتِ الضَّائِعْ

 

كَيْفَ أُغَيِّرُ رَأْيَ دُمُوعِي،

وَأُفَرِّحُهَا، وَأُطَمْئِنُهَا،

وَرَحِيلُكِ أَمْرٌ وَاقِعْ

 

كَيْفَ أُهَدِّئُ.. مِنْ رَوْعِ ظُنُونِي،

وَأَنَا أَحْمِلُ دَاخِلَ قَلْبِي

بُرْكَانَ مَوَاجِعْ

 

لَا أَتَحَمَّلُ صَدْمَةَ بُعْدٍ أُخْرَى..

لَا أَتَحَمَّلُ أَنْ يُصْبِحَ بَيْنَكِ

في الْأَيَّامِ، وَبَيْنِي..

فَرْقٌ شَاسِعْ

 

لَا أَتَحَمَّلُ أَنْ أَفْقِدَكِ الْآنَ

بِدَرْبِ الْعِشْقِ،

وَأَنْ أُصْبِحَ مِنْ بَعْدِكِ

إِنْسَانًا يَهْذِي..

كَالطِّفْلِ الدَّامِعْ

 

لَا أَتَحَمَّلُ.. أَنْ أَتَخَلَّى

عَنْ لَحَظَاتِ الصِّدْقِ،

وَلَا أَتَحَمَّلُ..

أَنْ أَشْعُرَ أَنِّيَ في جُرْمِ

نَهَايَةِ قِصَّتِنَا ضَالَعْ

 

لَا أَتَحَمَّلُ..

أَنْ أَتَخَيَّلَ في عَيْنَيْكِ عِتَابًا

عِنْدَ فِرَاقِكِ،

لَا أَتَحَمَّلُ..

أَسْوَاطَ النَّقْدِ اللَّاذِعْ

 

انْتَظِرِي بَعْضَ الْوَقْتِ،

وَقُولِي شَيْئًا..

هَلْ أَصْبَحَ صَمْتُكِ يَا سَيِّدَتِي

نَمَطًا عَادِيًّا في قِصَّتِنَا

هَلْ آمَنَ قَلْبُكِ

يَا قَاتِلَةَ الْعُشَّاقِ

بِهَذَا النَّمَطِ الشَّائِعْ

 

انْتَظِرِي بَعْضَ الْوَقْتِ،

وَقُولِي شَيْئًا..

لَمْ أُكْمِلْ كُلَّ كَلَامِي،

لَمْ أَشْبَعْ مِنْكِ، وَقَلْبِي نَهِمٌ

لِلْحُبِّ، وَجَائِعْ

 

قُولِي شَيْئًا..

يَا سِتَّ الْحُزْنِ لِأَجْلِي؛

فَأَنَا مِنْ يَوْمِ هُرُوبِكِ مِنِّي

هَزَّ رَحِيلُكِ أَرْضَ الْحُبِّ،

وَأَخْشَى أَنْ تَظْهَرَ لِلزِّلْزَالِ

تَوَابِعْ

 

بُعْدُكِ بَاغَتَ جَيْشَ حَنِينِي

شَلَّ خُطُوطَ حُصُونِي

هَجَمَ الْعِشْقُ عَلَى أَعْصَابِي

شَيْئًا.. شَيْئًا

أَدْخَلَنِي حَرْبَ اسْتِنْزَافٍ،

وَمُنَاوَرَةَ النَّجْمِ السَّاطِعْ(١)

 

*         *        *

 

حُبُّكِ يَا سَيِّدَةَ الْعَالَمِ

كَانَ طَوَالَ حَيَاتِي

حُبًّا أَكْثَرَ مِنْ رَائِعْ

 

حُبُّكِ..

أَصْبَحَ عَمَلًا إِنْسَانِيًّا

إِعْجَازًا بَشَرِيًّا..

جُزْءًا مِنْ ذَاكِرَةِ الْعَالَمِ

فَصْلًا مِنْ تَارِيخِ الْعِشْقِ

النَّاصِعْ

 

حُبُّكِ..

كَانَ طَرِيقَةَ عَيْشٍ مُثْلَى

 

مُعْجِزَةً..

هِيَ أَرْوَعُ..

أَرْوَعُ مِنْ إِحْيَاءِ الْقَتْلَى

 

كَانَ الْأَشْهَرَ..

بَيْنَ أَسَاطِيرِ الْعِشْقِ الْكُبْرَى

دُونَ مُنَازِعْ

 

حُبُّكِ.. مَأْسَاتِي الْكُبْرَى

حُبُّكِ..

أَلَّفَ سِيرَةَ قَلْبِي

أَرَّخَ في مَلْحَمَةٍ وَجَعِي

في آلَافِ الْأَسْطُرِ

في كُتُبٍ، وَمَرَاجِعْ

 

وَأَنَا عِنْدِي..

عُقْدَةُ ذَنْبٍ كُبْرَى

أَشْعُرُ أَنِّي يَا سَيِّدَتِي

عَلَّمْتُ عُيُونَكِ فَنَّ الْـمَشِي

إِلَى الْـمَجْهُولِ بِدَرْبِي،

وَتَرَكْتُكِ في أَوَّلِ شَارِعْ

 

آهٍ لَوْ أَقْدَرُ يَا نُورَ حَيَاتِي

أَنْ أُبْطِلَ حَقَّ (الـﭭيتُو)

في مِيثَاقِ الْحُبِّ،

وَأَنْ أَحْكِيَ عَنْكِ، وَعَنِّي

لِلسُّفَرَاءِ مِنَ الْعُشَّاقِ،

وَأَنْ أَتَرَافَعْ(٢)

 

وَأُلَوَّحَ بِاسْتِخْدَامِ الْقُوَّةِ

ضِدَّ رَحِيلِكِ..

طِبْقًا لِلْفَصْلِ السَّابِعْ(٣)

 

يَا حُبِّي الْأَوَّلَ، وَالثَّانِي،

وَالْآخِرَ، وَالرَّابِعْ

 

مَاذَا أَفْعَلُ..

في مُسْتَقْبَلِ حُبِّي الْحَالِمِ؟

آهٍ لَوْ يُخْبِرُنِي الطَّالِعْ

 

هَلْ أَقْرَأُ في عِلْمِ الْأَبْرَاجِ،

وَضَرْبِ الْوَدَعِ الْبَحْرِيِّ،

وَهَلْ أَتَوَسَّلُ يَاعُمْرِي،

وَأَنَا أُجْرِي بَعْضَ طُقُوسِي

مِنْ فَكِّ رُمُوزِ الْفِنْجَانِ،

وَمِنْ وَشْوَشَةٍ لِقَوَاقِعْ؟

 

مَاذَا أَفْعَلُ قَبْلَ رَحِيلِكِ

في مُسْتَقْبَلِ هَذَا الْحُبِّ،

وَسَيْفُ الْوَقْتِ عَلَيْنَا مَاضٍ،

وَالْحُزْنُ مُضَارِعْ؟

 

مَاذَا أَفْعَلُ عِنْدَ وَدَاعِكِ

يَا وَجَعِي الْأَعْمَقَ

بَيْنَ ضُلُوعِي،

وَأَنَا أَعْرِفُ..

أَنَّ بَقَائِيَ في الدُّنْيَا

دُونَ وُجُودِكِ مِنْ حَوْلِي

خَبَرٌ فَاجِعْ؟

 

هَلْ أَلْقَاكِ بِوَرْدٍ يَبْكِي

تَحْتَ الشُّبَّاكِ (كَرُومْيُو)،

وَأَنَا رَاكِعْ؟(٤)

 

أَمْ أَمْشِي مَقْتُولًا

خَلْفَ جِنَازَةِ هَذَا الْحُبِّ الشَّابِّ،

وَهَذَا الْقَلْبِ الْيَافِعْ؟

 

هَلْ أَقْتَنِعُ الْيَوْمَ،

وَأَرْضَى بَعْدَ رَحِيلِكِ يَا سَيِّدَتِي..

بِجَمَالِ السُّمْعَةِ في قِصَّتِنَا،

وَالصِّيتِ الذَّائِعْ؟

 

يَا مَنْ أَصْبَحَ نَجْمُكِ

في أَضْوَاءِ الشُّهْرَةِ

كَالْأَلْـمَاسِ اللامِعْ

 

هَلْ أُخْبِرُكِ الْآنَ بِشَيْءٍ

في سِرِّكِ يَا سَيِّدَتِي؟

سَأُكَرِّرُ هَلْ قَلْبُكِ سَامِعْ؟

 

فِكْرَةُ أَنْ أَتَحَمَّلَ طُولَ غِيَابِكِ

صَارَتْ وَهْمًا..

شَكَّلَهُ بَحْرُ خَيَالي الْوَاسِعْ

 

هَلْ أُخْبِرُ قَلْبَكِ يَا سِتَّ السِّتَّاتِ

بِشَيْءٍ أَقْوَى؟

حُبِّي الزَّائِدُ يَا سَيِّدَةَ الْكَوْنِ

عَنِ الْـمَأْلُوفِ،

وَعَنْ حَدِّ الْـمَعْقُولِ

بِقَلْبِي..

مِنْ شِدِّةِ حُزْنِي نَابِعْ

 

*      *      *

 

يَا سَيِّدَتِي لَا تَنْخَدِعِي..

إِنَّ صُمُودِيَ بَعْدَ رَحِيلِكِ

تَمْثِيلٌ بَارِعْ

 

فَأَنَا أَبْكِي دَاخِلَ نَفْسِي،

وَالْقَلْبُ حَزِينٌ مَكْسُورٌ،

وَالْـمَظْهَرُ خَادِعْ

 

هَلْ يَتَخَيَّلُ قَلْبُكِ..

أَنْ أَتَحَمَّلَ طُولَ غِيَابِكِ عَنِّي

أَبَدًا.. أَبَدًا..

مَهْمَا عِشْتُ بَعِيدًا..

فَأَنَا في فَخِّكِ وَاقِعْ

 

فَأَنَا أَحْمِلُ مِنْ ﭼِـينَاتِكِ طَبْعِي..

قَلْبِي مِنْ طِيبَةِ قَلْبِكِ رَاضِعْ

 

يَا سَيَّدَةَ الْعَالَمِ

مَبْدَأُ فَصْلِ الْقُوَّاتِ لِجَيْشِي،

وَجُيُوشِكِ زَالَ،

وَلَيْتَ هُرُوبَكِ نَافِعْ

 

كَيْفَ نُسَجِّلُ في التَّارِيخِ تَبَاعُدَنَا،

وَلَنَا في الْحُبِّ هِوَايَاتٌ..

تَتَعَانَقُ في الصُّبْحِ يَدَانَا

تَتَشَابَكُ في الليْلِ أَصَابِعْ

 

كَيْفَ أَفُكُّ تَعَلَّقَ قَلْبِي

بِتَفَاصِيلِ حَيَاتِكِ..

كَيْفَ أَفُكُّ الرَّهْنَ عَنِ الْقَلْبِ،

وَأُبْطِلُ لَعْنَةَ حُبِّكِ..

كَيْفَ أُهَادِنُ في حَقِّ

حَنِينِي، وَأُطَاوِعْ

 

كَيْفَ أُفَكِّرُ في غَيْرِكِ يَوْمًا،

وَأَنَا لِدَسَاتِيرِ جَمَالِكِ وَاضِعْ

 

كَيْفَ (أُفَلْتِرُ) مِنْ أَنْهَارِ

كُرَيَّاتِ دِمَائِي عِشْقَكِ

رَغْمَ الشَّوْقِ،

وَسِحْرُكِ في إِقْنَاعِي طَاغٍ

كُلَّ الْوَقْتِ،

وَسِرُّكِ بَاتِعْ(٥)

 

كَيْفَ أُدَمِّرُ سِيرَةَ حُبِّي الْأَوّلِ

في التَّارِيخِ،

وَأَهْرُبُ يَاسَيِّدَتِي،

وَأَنَا لِأَسَاسِ بِيُوتِ

مَدِينَةِ حُبِّكِ رَافِعْ

 

*       *      *

 

يَا سَيِّدَتِي..

لَمْ يَتَبَقَّ بِهَذَا الْحُبِّ

سِوَى صُنْدُوقِ بَرِيدٍ،

وَرَسَائِلِ حُبٍّ، وَطَوَابِعْ

 

لَمْ يَتَبَقَّ سِوَى دُكَّانِ الْوَرْدِ،

وَطَعْمِ الْبُعْدِ، وَصُورَتِنَا

في قَلْبِ بِطَاقَاتِ هَدَايَا..

تَتَأَلَّمُ في رُكْنِ الْبَائِعْ

 

لَمْ يَتَبَقَّ هُنَا

مِنْ كُلِّ نِسَاءِ الْعَالَمِ

بَعْدَكِ إِلَّا بَعْضُ النِّسْوَةِ

في رَدَهَاتِ الْقَصْرِ،

وَبَعْضُ نِسَاءِ الْبَلْدَةِ

في سُوقِ بَضَائِعْ

 

وَأَنَا مِنْ زَمِنٍ يَا سَيِّدَتِي

لِجَمِيعِ الْحَسْنَاوَاتِ مُقَاطِعْ

 

يَا آخِذَةً قَلْبِي مَعَكِ..

حِضْنُكِ لَوْ يَذْكُرُ قَلْبُكِ مِلْكِي

تُغْرِقُنَا أَمْوَاجُ الْبُعْدِ،

وَتَجْرِفُنَا أَنْيَابُ الْـمَدِّ،

وَلَا يُوجَدُ عِنْدَكِ مَانِعْ

 

وَأَنَا مُنْكَسِرٌ لِغِيَابِكِ عَنِّي،

وَأُوَاسِي اسْتِسْلَامي الْخَانِعْ

 

يَا سَيِّدَتِي..

هَلْ مَازَالَ لِقَلْبِي بَعْضُ رَصِيدٍ

عِنْدَكِ؟

هَلْ تَارِيخي عِنْدَكِ شَافِعْ

 

وَلِـمَاذَا أَصْبِرُ..

حَتَّى هَذَا الْوَقْتِ،

وَأَلْقَانِي في كَفِّكِ كَالطِّفْلِ

الطَّائِعْ

 

يَا أَجْمَلَ عِشْقٍ في الْغَفْلَةِ

يَا سَوْسَنَةَ الْغَفْوَةِ

يَا يَقَظَاتِ الْحُلْمِ،

وَيَاكَنْزَ تُراثٍ..

يَا كَنْزَ  رَوَائِعْ

 

أَحْتَاجُ لِتَحْكِيمِ بَقَايَا إِحْسَاسِكِ

أَحْتَاجُ لِتَوْجِيهِ الْعَطْفِ،

وَبَعْضِ الرَّأْفَةِ نَحْوِي،

وَضَمِيرِ الْقَلْبِ الْوَازِعْ(٦)

 

أَحْتَاجُ قَرَارًا في مَوْضُوعِ

بَقَائِي قُرْبَكِ،

وَالْحَلَّ الْجَذْرِيَّ النَّاجِعْ(٧)

 

لَا تَصْلَحُ أَنْصَافُ حُلُولِكِ

في تَحْدِيدِ مَصِيرِي

أَحْتَاجُ لِحَسْمِكِ،

وَالرَّأْيِ الْقَاطِعْ

 

فَأَنَا رَجُلٌ أَتْعَبَنِي..

مَوْقِفُكِ الْـمُتَرَدِّدُ، وَالْـمَائِعْ(٨)

 

*       *       *

 

يَا سَيَّدَتِي..

لَا أَتَحَمَّلُ طُولَ غِيَابِكِ عَنِّي..

لَا أَهْضِمُ فِكْرَةَ فُقْدَانِكِ

لَسْتُ لِصَدْمَةِ هِجْرَانِكِ

يَا سِتَّ السِّتَّاتِ.. بِبَالِعْ

 

هَلْ أَصْبَحَ حُبُّكِ

يَا سَيِّدَتِي نِقْمَةَ يَوْمِي،

وَتَحَوَّلَ بَعْدَ مُرُورِ الْوَقْتِ

لِـمَقْلَبِ عُمْرِي الصَّاقِعْ(٩)

 

اِفْتَقَدَ الْقَلْبُ لِحُبِّكِ

في سَاعَاتِ الْبُعْدِ الْأُولَى

صَارَ هُرُوبُكِ مِنِّي

يَاسَيِّدَتِي.. كَعِقَابٍ رَادِعْ

 

سَيْفُ الْوَقْتِ..

يَمُرُّ عَلَيَّ بَطِيئًا جِدًّا،

وَبِدُونِكِ أَبْقَى وَحْدِي

في مَعْرَكَةِ الْعِشْقِ،

وَمِشْوَارِ حَيَاتِي

كَالْـمَجْنُونِ، وَمَازِلْتُ أُصَارِعْ

 

أَنْتِ مَشَيْتِ بَعِيدًا عَنِّي

لَا أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا

في مُسْتَقْبَلِ مَرْحُومِ الْحُبِّ،

وَلَيْسَ لَدَى قَلْبِي الدَّافِعْ

 

وَفَقَدْتُ شَهِيَّةَ تَجْرِبَتِي

وَتَقَبَّل قَلْبِي هَذَا الْبُعْدَ

بِكُلِّ هُدُوءٍ، وَأَنَا خَاشِعْ

 

وَالْـمَأْزَقُ يَا سَيِّدَتِي..

لَا تُوجَدُ في خُطُطِي

فِكْرَةُ أَنْ أَتْرُكَ مَيْدَانَ الْحُبِّ،

وَلَا أَنْ أَتَخَلَّى..

عَنْ كُلِّ خُطُوطِ هُجُومِي،

وَأُدَافِعْ

 

فَخَسَرْتُ بِحَرْبِ الْحُبِّ،

وَأَصْدَرْتُ أَوَامِرَ عَارٍ لِلْقُوَّاتِ

بِأَنْ تَتَرَاجَعْ

 

وَبَكَيْتُ..

لِأَنِّي كُنْتُ وَفِيًّا

حَتَّى آخِرِ قَطْرَاتِ دِمَاءٍ

في هَذَا الْحُبِّ،

وَكُنْتُ أَنَا في إِحْسَاسِكِ

كَالْـمِسْكِينِ الطَّامِعْ

 

*      *      *

 

بَعْدَ هُرُوبِكِ يَا سَيِّدتِي..

يَخْتَلِفُ الْـمَشْهَدُ في عَيْنِي

تَتَبَدَّلُ كُلُّ تَفَاصِيلِ حَيَاتِي

يَخْتَلِفُ الْخُلُقُ الْغَالِبُ لِلْأَشْيَاءِ،

وَيَخْتَلِفُ الطَّابَعْ

 

كَانَ الْعَالَمُ يُمْطِرُ حُبًّا

فَوْقَ الْحُبِّ،وَتَخْضَرُّ مَزَارِعْ

 

كَانَ الْوَرْدُ عَلَى أَيَّامِكِ وَرْدًا..

كان الأبيضُ لونًا رسميًّا..

بَعْدَ رَحِيلِكِ..

صَارَ الْغَالِبُ في أَعْيُنِنَا

هُوَ لَوْنٌ فَاقِعْ

 

صَارَ الْعُمْرُ قَصِيرًا جِدًّا

صَارَ الْحُبُّ يُقَطِّرُ بُعْدًا

صَارَتْ كُلُّ جِبَالِ هُمُومي

تَتَمَيَّزُ بِالطُّولِ الْفَارِعْ

 

مُنْذُ مَشَيْتِ حَبِيبَةَ قَلْبِي،

وَأَنَا أَهْذِي كَالدَّرْوِيشِ

عَلَى بَابِ الْجَامِعْ

 

أَبْكِي كَالْـمَكْلُومِ..

عَلَى حَائِطِ مَبْكَايَ..

وَأَسْكُنُ في جَوْفِ صَوَامِعْ(١٠)

 

مُنْذُ مَشَيْتِ.. وَبَعْدَ مُشَارَكَتِي

في صُنْعِ الْأَحْدَاثِ لِأَجْلِكِ

يَا سَيِّدَتِي، وَبِكُلِّ تَوَاضُعْ

 

أَصْبَحْتُ وَحِيدًا، لَا إِلَّا،

وَالْقَلْبُ مُتَابِعْ

 

مُنْذُ هَرِبْتِ.. وَقَلْبِي

يَدْخُلُ في عُطْلَةِ صَيْفٍ

في غَيْبُوبَةِ خَوْفٍ،

وَقَدِيمًا..

كَانَتْ دَقَّاتُ الْقَلْبِ

لِرُؤْيَةِ عَيْنِكِ يَا سَيِّدَتِي

تَتَسَارَعْ

 

وَأُفَاجَأُ في الْـمَطْعَمِ

حِينَ طَلَبْتُ الْقَهْوَةَ

بَعْدَ الظُّهْرِ كَعَادَتِنَا..

هُوَ نَفْسُ النَّادِلِ

قَدَّمَ بَعْدَ تَبَاعُدِنَا

عَنْ عَمْدٍ.. بِالْقَصْدِ..

حِسَاءَ (كَوَارِعْ)(١١)

 

مُنْذُ رَحِيلِكِ..

صَارَ لِإِرْهَابِ الْبُعْدِ

الصَّوْتُ الْأَعْلَى،

وَانْتَشَرَتْ لِلْإِجْرَامِ مَنَابِعْ

 

صَارَ الْغَدْرُ رَفِيقَ حَيَاتِي

كَالْعَقْرَبِ في ظَهْرِي لَاسِعْ

 

يَسْكُبُ بَعْدَ هُرُوبِكِ مِنِّي

السُّمُّ النَّاقِعْ(١٢)

 

صَارَ تَسَرُّبُ حُبِّكِ

مِنْ بَيْنِ مَسَامِّي

لِجُذُورِ مَوَدَّتِنَا الْـمُفْتَرِسَ الْقَالِعْ

 

أَنْتِ حَكَمْتِ عَليَّ بِإِعْدَامِي شَنْقًا،

وَأَنَا طِفْلٌ..

في مُقْتَبَلِ الْعِشْقِ،

وَمُبْتَدِئٌ يَانِعْ

 

يَا سَيِّدَتِي..

مَاتَ الصِّدْقُ، وَمُتُّ أَنَا..

مِنْ صَدْمَةِ حُبِّي الْوَالِعْ(١٣)

المعاني:

(١) مناورة النجم الساطع: مناورة عسكريّة تقام على الأراضي المصرية.

(٢) حقّ الفيتو: حق النقض على قرارات مجلس الأمن دون إبداء أسباب.

(٣) الفصل السابع: من ميثاق الأمم المتحدة هو الإطار الذي ويسمح للمجلس أن يقدم توصيات أو يلجأ إلى القيام بعمل غير عسكري أو عسكري “لحفظ السلم والأمن الدوليين”.

(٤) روميو: شخصية رئيسية في كتاب الكاتب الإنجليزي الأشهر الراحل ويليام شكسبير بعنوان روميو وجولييت.

(٥) باتع: شديد، وقويّ (تاج العروس).

(٦) وازع: رادع، مانع ارتكاب سلوك معين.

(٧) ناجع: شاف.

(٨) مائع: فاتر أو رخو أو سائل.

(٩) صاقع: صاعق (لغة تميم/ لسان العرب)، صاقع الذي يصقع في كلّ النواحي وصاقع هو الكذّاب.

(١٠) حائط مبكاي: حائطي الذي أنوح عنده للفواجع، صوامع: مفردها صومعة: دَيْر، متعبَّد الناسك ومنار الرّاهب أو معبد الرُّهبان في الأماكن النَّائية.

(١١) حساء كوارع: وجبة وأكلة مصريّة.

(١٢) سمّ ناقع: قاتل.    

(١٣) الوالع: الكاذب.

تحقق أيضا من

قصيدة حكاية قبل النوم

وعدتُ كما قد أتيتُ إليكِ.. وحيدًا.. وحيدًا.. لأحملَ عاري