عدد أبيات القصيدة
لَا أَتَحَمَّلُ.. أَنْ تَتْرُكَنِي
أَشْرَبُ وَحْدِي الْـمُرَّا
قُلْتُ إِلَيْكَ بِأَنَّ دُمُوعِيَ..
لَا تَحْتَمِلُ الْهَجْرَا
لَا أَتَخَيَّلُ..
أَنْ تَبْعُدَ عَنْ حَدِّ حَيَاتِي
شِبْرَا
فَأَنَا أُصْبِحُ في أَيَّامِ الْبُعْدِ
بدُونِكَ صِفْرَا
وَأَنَا.. وَكَمَا تَعْرِفُ
كُنْتُ عَلَى إِحْسَاسِكَ حَكْرَا(١)
كَيْفَ تَغِيبُ،
وَكَيْفَ تَزِيدُ ظَلَامَ حَيَاتِي..
قَهْرَا؟
كَيْفَ تُصَعِّبُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَيَّ،
وَتَخْلُقُ عُذْرَا؟
صَمْتُكَ يَقْتُلُ هَذَا الْحُبَّ،
وَيَعْصِرُ قَلْبِيَ عَصْرَا
مُنْذُ مَنَعْتَ كَلَامَكَ عَنِّي..
وَأَنَا أَمْسِكُ جَمْرَا
وَشْوِشْنِي..
وَاكْتُبْ في قَلْبِي
كَلَّ مَسَاءٍ سَطْرَا(٢)
فَضْفَضْ لِفَتَاتِكَ.. لَا تَخْجَلْ..
وَاتْرُكْ هَذَا الْحَذَرَا(٣)
مُنْذُ مَتَى في الْحُبِّ نُخَبِّئُ
في أَضْلُعِنَا سِرَّا؟
ضُمَّ عَلَيَّ.. كَمَا في السَّابِقِ..
مدَّ لحضني الجسرَا
دَعْ أَوْتَارَ يَدَيَّ تُدَاعِبُ
خُصْلَةَ شَعْرِكَ شَهْرَا
طَبْطَبْ بِيَدَيْكَ عَلَيَّ،
وَرُشَّ عَلَى فُسْتَانِي
الْعِطْرَا(٤)
وَازْرَعْ عُمْرِي.. في بُسْتَانِ حَيَاتِكَ
زَهْرَا
وَارْسُمْ بَيْتَكَ،
في عَدَسَاتِ عُيُونِي
قَمَرَا
لَا تَحْرِمْنِي مِنْ لَحَظَاتِ الْقُرْبِ،
وَلَا تَبْعُدْ ثَانِيَةً عَنِّي
دَهْرَا
أَرْسِلْ شَعْرِيَ..
يَسْبَحُ في كَفَّيْكَ، وَيَغْزُو
هَذَا الصَّدْرَا
خُذْنِي في حِضْنِكَ فَوْقَ الْـمَرْكَبِ؛
نَسْكُنْ هَذَا الْبَحْرَا
فَأَنَا مُنْذُ عَرَفْتُ عُيُونَكَ
يَعْشَقُ قَلْبِي السَّفَرَا
وَأَنَا مُنْذُ سَكَنْتُ بِقَلْبِكَ..
أَجْعَلُ حِضْنَكَ قَصْرَا
ضُمَّ عَلَيَّ.. كَمَا في السَّابِقِ،
وَاغْمُرْنِي بِحَنَانِكَ غَمْرَا
حُبُّكَ عَلَّمَ دَاخِلَ قَلْبِي..
حُبُّكَ يَتْرُكُ في أَعْمَاقِي
أَثَرَا
يُهْدِي كُلَّ الْوَرْدِ إِلَيَّ..
يُفَجِّر كَوْنِي شِعْرَا
يَفْتَحُ بَابَ الْفَرْحَةِ..
يَسْكُنُ في أَعْمَاقِي عُمْرَا
حُبُّكَ.. مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ
زَادَ جَمَالِي سِحْرَا
يَجْعَلُ مِنِّي سِتَّ الْحُسْنِ،
وَيَجْعَلُ لِي.. كَمُرَاهِقَةٍ
سِعْـرَا
أَرَأَيْتَ غِيَابَكَ مَاذَا يَفْعَلُ؟!
يَشْطُرُ قَلْبِي شَطْرَا
يُعْلِنُ مَوْسِمَ هِجْرَةِ حُلْمِي..
يَطْرُدُ مِنْ أَشْجَارِي الطَّيْرَا
وَيُضِيفُ بِتَعْدَادِ تَعَاسَةِ
هَذَا الْعَالَمِ كُلَّ صَبَاحٍ..
نَفَرَا(٥)
يُرْسِلُ إِعْصَارَ الْحُزْنِ عَلَيَّ
لِتُصْبِحَ كُلُّ حَيَاتِي..
صَحَرَا
يَأْتِي بِخَرِيفِ الْعُمْرِ
لِيَنْزَعَ مِنْ بُسْتَانِ ضُلُوعي
الشَّجَرَا
يَسْرِقُ طَعْمَ هُدُوئِي..
يُوصِلُ فَوْقَ حُصُونِي
التَّتَرَا!
يَهْزِمُ قَلْبِي..
يَقْتُلُ في مَوْقِعَةِ الشَّوْقِ
النَّصْرَا
مُنْذُ رَحَلْتُ، وَحَالي يَأْسٌ
مِنْ مَجْهُولِ مَصِيرِي..
أَتَكَوَّمُ ذُعْرَا
أَدْعُو رَبِّيَ أَنْ يُلْهِمَنِي
عِنْدَ الضِّيقِ الصَّبْرَا
أَرَأَيْتَ غِيَابَكَ مَاذَا يَفْعَلُ؟!
تَنْسَابُ دُمُوعِي نَهْرَا
مُنْذُ رَحَلْتَ، وَغِبْتَ،
وَجُرْتَ عَلَيَّ
تَرَانِي أَدْمَنْتُ بِأَوْقَاتِي
السَّهَرَا
أَتَذَكَّرُ كُلَّ هَدَايَانَا،
أَتَفَقَّدُ بِالْقُبُلَاتِ الصُّوَرَا
يَبْكِي صَوْتِي..
يَهْطِلُ نَهْرُ دُمُوعِي مَطَرَا
وَازْدَادَتْ أَطْوَارُ كَآبَةِ قَلْبِي
طَوْرَا
كَانَ رَحِيلُكَ..
مِنْ أَحْدَاثِ الْحُزْنِ الْكُبْرَى
هَلْ يَتَغَيَّرُ مَوْقِفُ بُعْدِكَ عَنِّي،
وَتُعِيدُ بِهَذَا الْـمَوْضُوعِ
النَّظَرَا؟
هَلْ أَطْمَعُ أَنْ أُصْبِحَ
في تَارِيخِ حَيَاتِكَ.. ذِكْرَى؟
هَلْ مِنْ شِدِّة عِشِقِي
رَخَّصْتُ مَشَاعِرَ قَلْبِي
قَدْرَا؟
هَلْ بِالْأَحْرَى..
بَعْدَ وَفَاءِ عُهُودِي
زِدْتُكَ يَا مَعْشُوقِي بَطَرا؟!
صَارَحْ قَلْبِي بِمَشَاعِرِكَ تِجَاهِي..
هَلْ أَحْبَبْتَ امْرَأَةً أُخْرَى؟
سَأُسَامِحُكَ الْآنَ
عَلَى نِسْيَانِ الْحُبِّ؛
فَنَحْنُ خُلِقْنَا بَشَرَا
وَتَلَاقِينَا، وَتَبَاعُدُنَا..
كُلُّ الْقِصَّةِ تَبْدُو قَدَرَا
هَلْ تَتَذَكَّرُ حِينَ تَغَيَّرَ
قَلْبُكَ مِنْ نَاحِيَتِي؟
كَانَ الْـمَشْهَدُ عِنْدِي
خَطَرَا
أَحْسَسْتُ بأنَّ الْوَضْعَ بِرُمَّتِهِ..
يَفْلِتُ مِنِّي قَسْرَا(٦)
كُنْتُ أَحُسُّ بِأَنَّ وَرَاءَ
هُدُوئِكَ أَمْرَا
وَاعْتَدْتُ حُرُوبِ الْأَعْصَابِ
شُهُورًا.. أَنْتَظِرُ الْخَبَرَا
عِشْتُ عَلَى قَسْوَةِ أَيَّامِكَ
أَصْبَحَ قَلْبُكَ شَيْئًا شَيْئًا
حَجَرَا
لَمْ أَعْرِفْ وَقْتَ خِدَاعِكَ
أَنَّكَ تَحْفُرُ في إِحْسَاسِي
قَبْرَا
أَسْهَلُ شَيْءٍ كَانَ لَدَيْكَ
قَرَارُكَ أَنْ تَتْرُكَنِي فَوْرَا
خُنْتَ دُمُوعِي، وَتَبَخَّرْتَ..
كَأَنَّكَ تَضْغَطُ زِرَّا
هُنْتُ عَلَيْكَ، وَلَمْ تُنْصِفْنِي
كَانَ الْـمَوْقِفُ بِالْكَامِلِ
غَدْرَا
حُبُّكَ سَبَبَّ لِلْإِحسَاسِ الضَّرَرَا
وَأَنَا أَحْفَظُ عَهْدَ الْحُبِّ،
وَيَنْبُضُ قَلْبِي طُهْرَا
أَسْرِقُ طَعْمَ الْقُبْلَةِ مِنْكَ،
وَتَأْسِرُ قَلْبِي أَسْرَا
كَانَ بِإِمْكَانِكَ..
أَنْ تَجْعَلَ مِنْ أَمْرِي يُسْرَا
كَمْ أَشْعَلْتُ لِأَجْلِكَ
كُلَّ أَصَابِعِ كَفِّي شَمْعًا،
وَظَلَلْتُ أُسَبِّحُ شُكْرَا
كَمْ ضَحَّيْتُ، وَكَمْ عَانَيْتُ
وَكَمْ أَرْسَلْتَ لِقَلْبِي
مَاءَ عُيونِي الْـمُنْهَمِرَا
كُنْتُ أُكَذِّبُ نَفْسِي
حِينَ أُلَاقِي فِيكَ
الْعِبَرَا
وَتَأَلَّـمْتُ أَنَا مِنْ حَالِي
كَسَرَ الْهَمُّ، وَظُلْمُ خِدَاعِكَ
قَلْبِي.. كَسْرَا
كُنْتُ مُجَرَّدَ نَزْوَةِ طَيْشٍ
في أَحْلَامِكَ
كُنْتُ لِعَقْلِكَ خَمْرَا
كُنْتُ إِلَيْكَ كَلُعْبَةِ حَظٍّ
تَسْحَرُ عَقْلَكَ..
كُنْتُ لِقَلْبِكَ سُكْرَا
وَاسْتَوْلَيْتَ عَلَيَّ
كَأَنَّكَ تَقْطِفُ مِنْ جَنَّاتِ
الدُّنْيَا ثَمَرَا
وَتَهَرَّبْتَ أَخِيرًا مِنِّي..
هَلْ تَشْعُرُ بِاسْتِقْلَالِكَ
حِينَ هَرَبْتَ، وَقَلَّدْتَ الْغَيْرَا؟
لَا تَتَخَيَّلْ أَنَّكَ
حِينَ تَغِيبُ عَنِ الْـمَحْبُوبَةِ..
في مَنْفَاكَ سَتُصْبِحُ حُرَّا
المعاني
(٢) وشوشني:كلّمْني بصوتٍ خافت.
(٣) فضفض:نفِّس عن نفسك بالحكيّ.
(٤) طبطب:ربّتْ بيديك على كتفيّ.
(٥) نفرا:فردا.
(٦) قسرا:قهرا (بالإكراه).