عدد أبيات القصيدة
ذَابَ قَلْبِي بِفُؤَادٍ وَسَمَا
لِسَّمَاوَاتِ نَبِيٍّ وَاسْتَمَى
لِرُوَاءٍ عَذْبُهُ أَنْهَلَ مِنْ
كَوْثَرِ السُّقْيَا الْقُلُوبَ الْهُيّمَا
ذَاقَ نَبْضِي كَأْسَ شَهْدٍ بَعْدَمَا
دَارَ في أَفْلَاكِهِ بَدْرُ التَّمَا
فَأُرِيقَ الطَّرْمُ مِنْ عَاشِقَةٍ
قَلْبُهَا يَهْوَى رَسُولًا تَمَمَا
وَتَدَلَّتْ قَطْفَةُ الْعِشْقِ لَهُ
وَبِهِ الرُّوحُ تَسَقَّتْ زَمْزَمَا
قَبْلَ أَسْمَانِي أَبِي (عَائِشَةً)
وَالْهَوَي في قَلْبِهِ قَدْ قُسِمَا
فَغَدَا التَّهْيَامُ فِي مُهْجَتِهِ
عُرْوَةً وُثْقَى وَعِقْدًا مُحْكَمَا
لَيْتَ شِعْرِي هَلْ فُؤَادِي إِذْ رَأَى
وَقْدَ عِشْقِيهِ بِنُورٍ تُيِّمَا!
قَدْ تَرَاءَى في طَرَائِي بَطَلًا
مُنْقِذًا لِي فَجْرَ ظُفْرِي نَعُمَا
كَمْ وَكَمْ أَوْغَرْتُ أُمِّي في الصِّبَا
فَكَسَانِي حِينَ ثَارَتْ بَلْسَمَا
قَالَ: (لَا تَخْشَيْ عِقَابًا؛ إِنَّنِي
خَيْرُ حِرْزٍ وَمَلَاذٌ وَحِمَى
(أَمَّ رُومَانَ) احْفَظِي قَلْبِي بِهَا
مِثْلَ عِقْدٍ بِخَرُودٍ رُئِمَا
فَرَّ مِنْهَا الدَّمْعُ، فَاسْتَوْصِي بِهَا
وَامْضِ في إِرْعَاءِ عَهْدٍ قُدُمَا)
قُلْتُ: (مَنْ ذَيَّا الْفُؤَادُ الشَّهْمُ، مَنْ
ذَا الْـمَلَاكُ السَّمْحُ، مِنْ أَيِّ الْوَمَى؟)
قِيلَ: (فِينَا بَعَثَ اللهُ سَنَا
هَاشِمِيًّا قُرَشِيًّا مُكْرَمَا)
طَيَّبَ اللهُ أَبِي، رَعْيًا لَهُ،
رَعْرَعَ الْخَيْرَ بِرُوحِي فَنَمَا
شَدَّ بِالتَّهْذِيبِ عُودِي فَرَبَا
غُصْنُ طَبْعِي بِنَدَى مَنْ قَلَّمَا
شَدَّ حِينًا ثُمَّ أَرْخَى وَرَهَا
وَحَذَا في الْهَذْبِ قَوْمًا حُزَّمَا
بَعْدَ دُرِّ الشِّعْرِ قَدْ أَلْقَمَنِي
نَسَبَ الْعُرْبِ وَأَسْقَى حِكَمَا
طَرَّ نَبْتِي كَجُمَانٍ عِنْدَ مَنْ
لَمْ يُؤَلِّهْ قَبْلَ بَعْثٍ صَنَمَا
فَإِذَا أَسْنَى مُحَيَّاهُ هُدًى
صَارَ صِدِّيقَ الْهُدَى مَا عَكَمَا
بِاهْتِلَالِ الْهِجْرَةِ الْأُولَى نَوَى
مِنْ أَذَى الْقَوْمِ مَسِيرًا جَشَمَا
سَاحَ في الْأَرْضِ تَوَخَّى مَنْسِكًا،
(لِلنَّجَاشِيِّ) يَشُدُّ اللُّجُمَا
فَأَبَى مِنْهُ ارْتِحَالًا؛ سَيِّدٌ
قَالَ: (لَيْسَ النَّجْمُ يَنْأَى رَغَمَا)
مِثْلَ دُرٍّ رَبُّنَا كَنَّنَهُ
لِخُطَى مَبْعُوثِ حَقٍّ تَوْأَمَا
لَمْ أَعِ الْأَيَّامَ إِلَّا وَأَبِي
مِثْلُ (هَارُونَ) لَهُ مُذْ أَسْلَمَا
(وَابْنُ عَبْدِ اللهِ) رَيَّا دَارِنَا
قَمَرٌ في كُلِّ يَوْمٍ أَنْجَمَا
لِرَسُولِ اللهِ أَثْرَى مَلَكٌ
بِأَرِيجِي مَرَّتَيْنِ الْحُلُمَا
فَدَعَا الْـمَنَّانَ حِينَ اشْتَمَّنِي:
(فَلْيُتِمَّ اللهُ مِنْ خَيْرٍ جِمَا)
وَبِحَارُ الْحُزْنِ تَسْقِي وَاجِدًا
أَيِّمًا مِنْ دُونِ مَرْسًى أَلِـمَا
فَشَجَتْ (بِنْتُ حَكِيمٍ)؛ قَلْبُهَا،
لِفُؤَادٍ بِالنَّوَى مَا الْتَأَمَا
(طِبْ بِنَجْوَى ثَيِّبٍ؛ قَالَتْ لَهُ،
أَوْ رَحِيقِ الْبِكْرِ، فَاخْتَرْ مِنْهُمَا)
قَالَ: (دَنِّ الْوُدَّ مِنْ (عَائِشَةٍ)
وَاذْكُرِيهَا لِي حَدِيثًا مُسْهَمَا
قَدْ أَحَلَّ اللهُ وَصْلًا لِأَخٍ
بِالتَّآخِي عِنْدَ عُرْبٍ حَرُمَا)
كُنْتُ في سِرِّ الْأَمَانِي طِفْلَةً
لَا تَعِي الْأَنْبَاءَ حَتَّى تَفْهَمَا
لَمْ تَكُنْ لِي مِنْ (جُبَيْرٍ) خِطْبَةٌ
غَيْرُ مَا كَانَ نَزِيرًا نَسَمَا
فَتَخَشَّى أَبَوَاهُ الْقُرْبَ مِنْ
دِينِنَا، فَالْحَبْلُ عَنْهُ انْفَصَمَا
بِنْتَ سِتٍّ بِقِرَانٍ ضَمَّنِي
بَوْحُ رُؤْيَا لِرَسُولٍ أُلْهِمَا
كَنَفِيسِ التِّبْرِ قَدْ حُجِّبْتُ في
بَيْتِ أُمِّي وَسَمَاوَاتِي الْغَمَا
أَذِنَ اللهُ لِنُورَيْ رِحْلَةٍ
بِالنَّوَى عَنْ ظُلْمِ قَوْمٍ ظَلِمَا
وَانْتَأَى عَنَّا رَفِيقَا هِجْرَةٍ
وَظِلَالُ اللهِ في دَرْبِهِمَا
طَلَعَتْ شَمْسُ الْوَرَى في (طِيبَةٍ)
طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْهِمْ نَغَمَا
وَتَلَمَّسْتُ وَأُمِي سَفَرًا
لَهُمَا فَاسْتَجْلَبَا عِطْرَهُمَا
في الْبِدَايَاتِ دَهَانِي مَرَضٌ
آكِلًا مِنْ شَعْرِ رَأْسِي جُمَمَا
فَإِذَا أُسْقِيتُ بِلًّا طَيِّبًا
طَبَّبَتْ وَالِدَتِي مَا انْصَرَمَا
بَعْدَ حِينٍ قَدْ غَزَا صَدْرَ أَبِي
قَلَقٌ بَيْنَ الطَّوَايَا احْتَدَمَا
فَتَحَرَّى مِنْ نَبِيِّ اللهِ عَنْ
نُورِ عُرْسٍ آجِلٍ مُسْتَفْهِمَا
(ذَا صَدَاقٌ لَكُمَا؛ قَالَ لَهُ،
لَا تَسِقْ منْ حِمْلِ هَمٍّ دَرْهَمَا)
فَتَضَمَّخْتُ بِطِيبِ الْـمُصْطَفَى
بِنْتَ تِسْعٍ، وَالْغَرَامُ اضْطَرَمَا
وَبَنَى بِي آَنَ (شَوَّالٍ) وَمَا
كَانَ ذَا لِلْعُرْبِ إِلَّا شُؤُمَا
المعاني
(٢) رُواء: حُسن المنظر في البهاء والجمال والرَّواء: الماء العذب، أنهل: سقى حتّى الارتواء.
(٣) بدر التما: بدر التمام.
(٤) الطرم: الشهد، تمَم: تامّ الخَلْق.
(٥) زمزم: ماء زمزم.
(٦) عائشة: عائشة بنت أبي بكر، البيت إشارة إلى قول ابن عباس لعائشة “إنّما سمّيت أمّ المؤمنين لتسعدي وإنّه لاسمك قبل أن تولدي…..”
(٧) وقد: اتّقاد، عشقيه: عشقي له.
(٨) طرائي: طراءتي؛ نعومتي وغضاضتي.
(٩) أوغرت: أغضبت، إشارة لقول أمّ رومان حين غضبت على عائشة: (يا رسول الله إنّها أغضبت الصدّيق عنّا وأغضبته علينا).
(١٠) أم رومان: والدة عائشة؛ احفظي قلبي بها: إشارة إلى قول الرسول لأمّ رومان: احفظيني فيها، خرود: لؤلؤ غير مثقوب، رُئِم: فُتِل.
(١١) إرعاء: رعاية.
(١٢) من أي الومى: من أي الناس هو؟
(١٣) رعيًا له: رعاه الله.
(١٤) ربا: نشأ وترعرع، قلّم: هذّب.
(١٥) رها: رفق، حذا: سار على خطى، الهذب: الإصلاح، حزّم: حازمون.
(١٦) نسب العرب: كانت عائشة عليمة بعلم الأنساب والشعر كما في قول عروة بن الزبير بن العوام (ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة أم المؤمنين).
(١٧) طرّ نبتي: نجمت وظهرت نشأتي، جمان: لؤلؤ، من لم يؤلّه قبل بعث صنما: المقصود أبو بكر.
(١٨) أسنى محيّاه هدى: أضاء الهدى وجهه، صار صدّيق الهدى: صار صدّيق النبي، عكم: انتظر؛ إشارة إلى ما روي عن النبي؛ (ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته، ولا تردد فيه).
(١٩) اهتلال: ظهور، الهجرة الأولى: الهجرة إلى الحبشة، جَشَم: عناء.
(٢٠) ساح في الأرض: جال؛ إشارة لقول أبي بكر لابن الدغنّة: (أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربّي)، توخّى: تحرّى، منسك: طريق للزهد والتعبّد، النجاشي: لقب ملك الحبشة، يشدّ اللجم: مسافر.
(٢١) سيّد: المقصود (ابن الدغنّة)، ليس النجم ينأى رغما: إشارة إلى قول (ابن الدغنّة) عند برك العماد لأبي بكر؛ (إنّ مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق وأنا لك جار فارجع).
(٢٢) كننه: حفظه ليكون توأم رحلته، خطى مبعوث حق: مسير النبي في هجرته
(٢٣) لم أع الأيام إلا وأبي: إشارة إلى قول عائشة؛ (لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين)، أبي له مثل هارون: مثل أخ لنبيّ. (٢٤) ابن عبد الله: سيدنا محمد، ريَّا: الريح الطيّبة، أنجم: ظهر؛ إشارة إلى حديث عائشة؛ لم يمرّ علينا يوم إلا كان يأتينا فيه رسول الله..). (٢٥) أثرى: نمّى وجعل الحلم غنيًّا، بأريجي: بعطري والبيت إشارة إلى رؤية الرسول لعائشة مرّتين حيث أتى بها جبريل للرسول يحملها في سرقة من حرير، مرّتين: (إشارة لقول رسول الله لعائشة؛ أريتكِ في المنام مرتين).
(٢٦) المنّان: الله تعالى، فليتم الله من أمر: إشارة لقول الرسول حين رأى عائشة في سرقة من حرير أتى بها جبريل؛ (إن يك هذا من عند الله يمضه)، جما: مقداره وحجمه.
(٢٧) واجد: حزين، أيّم: أرمل، من دون مرسًى: من دون زوجة، ألِم: حزين متألّم.
(٢٨) شجت: حزنت، بنت حكيم: خولة بنت حكيم.
(٢٩) طب بنجوى ثيّب أو رحيق البكر: إشارة لقول خولة بنت حكيم للنبي؛ (إن شئت بكرًا وإن شئت ثيّبًا).
(٣٠) اذكريها لي: إشارة لقول النبي لخولة بنت حكيم؛ (فاذكريها لي)، حديث مسهم: وافر مستفيض.
(٣١) أحلّ الله: إشارة لقول النبي لخولة بنت حكيم؛ (ارجعي فقولي له: إنّه أخي في الدين وهي لي حلال)، عند عرب حُرِّم: إشارة إلى تحريم العرب في الجاهلية زواج بنات إخوانهم بالتآخي وقول أبي بكر لخولة بنت حكيم؛ (وهل تصلح له؟ إنّما هي ابنة أخيه).
(٣٢) جبير: جبير بن مطعم بن عديّ خطيب عائشة بنت أبي بكر قبل زواجها من النبي، نزير: قليل، نسم: ريح ليّنة قبل اشتدادها.
(٣٣) فتخشّى أبواه القرب من ديننا: إشارة لقول أمّ جبير بن مطعم بن عديّ لأبي بكر؛ (يا ابن أبي قحافة لعلّك مصب صاحبنا- مدخله في دينك الذي أنت عليه- إن تزوّج إليك؟)، الحبل: حبل ارتباط عائشة بجبير، انفصم: انقطع.
(٣٤) التبر: الذهب، حجّبت في بيت أمّي: إشارة إلى حديث عائشة: (فما دريت أن رسول الله تزوّجني حتّى أخذتني أمّي فحبستني في البيت عن الخروج فوقع في نفسي أنّي تزوّجت، فما سألتها حتّى كانت أمي هي التي أخبرتني)، الغما: سقف البيت.
(٣٥) نورا رحلة: الرسول وصاحبه أبو بكر في رحلة الهجرة، النوى: الفرقة، ظُلْمٍ ظَلِم: اسودّ وأظلم.
(٣٦) الورى: الخلق، طيبة: يثرب، طلع البدر عليهم نغما: إشارة إلى نشيد طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع.
(٣٧) استجلبا عطرهما: أرسلا لعائشة لتأتي للمدينة المنوّرة حيث أُرسل ابن أبي بكر وعبد الله بن أريقط وزيد بن حارثة وأبو رافع من الرسول لكي يأتوا بأهلهما.
(٣٨) دهاني مرض: إشارة إلى مرض عائشة، جمم: مفردها جمّة: مجتمع شعر ناصية الإنسان أو ما ترامَى من شعر الرأْس على المَنكِبَيْن، إشارة إلى قول عائشة؛ (فقدمنا المدينة فوعكت شهرًا فوفى شعري جميمة).
(٣٩) بلٌّ طيّب: شفاء طيّب، ما انصرم: ما تمرّق من شعر عائشة.
(٤٠) بين الطوايا: في دواخله، احتدم: اضطرم.
(٤١) فتحرّى من نبي الله: إشارة لقول أبي بكر للرسول: ما يمنعك أن تبني بأهلك؟، آجل: حبيس ومتأخّر.
(٤٢) لا تسق: لا تحمل؛ من وسق، ذا صداق لكما: إشارة إلى إعطاء أبي بكر الرسول اثنتي عشرة أوقيّة ونشا حيث أرسلها الرسول إلى عائشة.
(٤٣) تضمّخت: تلطّخت، تضمّخت بطيب المصطفى: تزوجت بالرسول، حديث عائشة؛ (..أهديت إليه وأنا ابنة تسع سنين..) (٤٤) بنى بي: دخل بي، آن: وقت، شوّال: شهر شوّال، شؤم: شرّ ومكروه؛ إشارة إلى كراهية العرب الزواج في شهر شوّال لاعتقادهم أنّ طاعونا حدث في الزمن الأوّل في شهر شوّال وكانت عائشة تتفاخر بزواجها في شهر شوّال حيث أنهي الشؤم من الزواج في هذا الشهر؛ (تزوّجني رسول الله في شوّال وبنى بي في شوال فأي نساء رسول الله كانت أحظى عنده منّي).