عدد أبيات القصيدة
تَقْبِيلُ رَأْسِكِ وَاجِبٌ يَا (مَرْيَمُ)
هُوَ سُؤْدُدٌ، وَرَفِيعُ مَجْدٍ مُلْهِمُ
هَذَا الْإِبَاءُ الْـمَقْدِسِيُّ مُقَدَّسٌ
شَرَفٌ يَلُوذُ بِهِ الشَّرِيفُ الْأَكْرَمُ
طَبِّبْ جِرَاحَكَ بِابْتِسَامَتِهَا، وَقُلْ
لي كَيْفَ حَالُكَ حِينَ يَسْرَي الْبَلْسَمُ
يَا بِنْتَ رُوحِ (الْقُدْسِ) تَعْلِينَ افْتِخَا
رًا بَيْنَمَا حَالُ الْجَميعِ مُقَزَّمُ
رَكَلُوكِ؛ لَا تَتَأَلَّـمِينَ بَلِ الْعُرُو
بَةِ مِنْ مَآسِي عَجْزِهَا تَتَأَلَّمُ
هَذِي كُرَامَتُنَا (بِقُدْسِكِ) مُرّغتْ؛
لِيُهِينَهَا كَلْبٌ خَسِيسٌ مُجْرِمُ
مُتْنَا بِتَنْكِيسِ الرُّؤُوسِ، وَجِيلُنَا
يَا لَلْأَسَى مِنْ بَسْمَةٍ يَتَعَلَّمُ
تِلْكَ ابْتِسَامَاتُ الْفَتَاةِ الْـمَقْدِسِيْـ
ـيَةِ عَنْ بَشَاعَةِ حَالِنَا تَتَكَلَّمُ
تِلْكَ ابْتِسَامَتُهَا تُلَمْلِمُ حُزْنَنَا
ويَفُوحُ عَارًا جَمْعُنَا الْـمُتَشَرْذِمُ
عَزَفَتْ عَلَى آلامِنَا، وَجِرَاحِنَا
فَنَمُوتُ جُرْذَانًا، وَيَحْيَا الضَّرْغَمُ
لا تَعْجَبَنْ أَنَّ الضَّحِيَّةَ قَاوَمَتْ
نَهْشَ الْكِلَابِ، وَثَغْرُهَا مُتَبَسِّمُ
إِنَّ الأَعَادِيَ إِنْ رَأَوْكَ عَلَى فِرَا
شِ الْـمَوْتِ مُبْتَسِمَ الْفُؤَادِ تَهَزَّمُوا
تَفْنَى الْأُسُودُ، وَوَقْعُ ذِكْرَى ضِحْكِهَا
هُوَ لِلْكِلَابِ، وَلِلْضِبَاعِ جَهَنَّمُ
فإِذَا تَكَالَبَتِ الضِّبَاعُ عَلَيْكَ؛ مُتْ
مَوْتَ الْعَظِيمِ كَمَا يَمُوتُ الْهَيْزَمُ
وَاهْزِمْ عَدُوَّكَ بِابْتِسَامَاتِ انْتِصَا
رِكَ كَالرَّصَاصَةِ حِينَ يُطْلِقُهَا فَمُ
يَكْفِيكِ يَا بِنْتَ الْإِبَاءِ صُمُودُ أَبْـ
ـطَالٍ بِهِ، وَبِنُورِهِ نَسْتَلْهِمُ
أَسَرُوكِ بَلْ أُسِرُوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ
ويُرَى عَلَى قُرْبٍ أَسِيرٌ مُرْغَمُ
يَرْنُو لَهَا مِنْ شُرْفَةِ الْأَسْرِ الظَّلُو
مِ، وَوَجْهُهُ مُتَسَائِلٌ مُسْتَفْهِمُ
وَالليْلُ يُظْلِمُ للْأَسِيرِ، وَقَيْدُهُ
هُوَ قَيْدُنَا لَكِنَّنَا لَا نَفْهَمُ
لَا تَبْتَئِسْ يَا جَارَ رَاهِبَةِ النِّضَا
لِ إِذَا أَخَافَكُمَا الْـمَصِيرُ الْـمُظْلِمُ
قَيْدُ الطُّغَاةِ عَلَى ذِرَاعَيْ عِزَّةٍ
وَكَرَامَةٍ عَدَمٌ عَدِيمٌ مُعْدَمُ
خَبِّرْ كِلَابَهُمُ انْتَصَارَكَ، وَابْتَسِمْ
في وَجْهِهِمْ بِالنَّصْرِ تَثْأَرْ مِنْهُمُ
وَاكْتُبْ عَلَى الْأَقْصَى الشَّرِيفِ، وَسُورِهِ
لِلْعَالَـمِينَ: “(الْقُدْسُ) لَا تَسْتَسْلِمُ”
يَبْقَى كِتَابُ الْحَرْبِ مَفْتُوحًا بِسَيْـ
ـفِ عَدَاوَةٍ، وَخُضُوعُهُ مُتَوَّهَمُ
وَالْأَرْضُ كُلُّ الْأَرْضِ مَأْوَاهَا لَنَا
حَتَّى إِذَا انْتَصَرَ الْبُغَاةُ، وَخَيَّمُوا
وَعْدٌ مِنَ الْجَبَّارِ حَقَّ نَفَاذُهُ
وَعْدُ الرَّسُولِ لِتَابِعِيهِ؛ فَصَلْعِمُوا
إِنَّ الْحُرُوبَ تَمُوتُ لَكِنْ حُرْبُنَا
عِنْدَ الْفَنَاءِ بِنَارِهَا تَتَضَرَّمُ
هَيْهَاتَ تَهْدَأُ نَارُنَا بِصُدُورِنَا
مَا زَالَ يُشْعِلُهَا إِذَا انْطَفَأَتْ دَمُ
وإذا تَقَرُّ بِنَا مُقَاوَمَةٌ تَجَدْ
دَدَ كَنْزُهَا رَفْضًا، ويُفْتَحُ مَنْجَمُ
مُذْ أَنْ غَزَتْ أَنْفَاسُنَا أَجْسَادَنَا
وَاسْتَوْطَنَتْ أَنْحَاءَ (مَكَّةَ) (جُرْهُمُ)
نَأْبَى هَزَائِمَنَا، وَإِنْ هَرِمَ الزَّمَا
نُ، وَطَبْعُنَا الْعَرَبِيُّ لَا يَتَأَقْلَمُ
كَلِمَاتُنَا عَدِمَتْ مُهَادَنَةً، وَلَمْ
يُخْلَقْ لِلَفْظِ الذُّلِّ فَينَا مُعْجَمُ
وَالثَّأْرُ يَنْمُو فِي الصُّدُورِ كَمَارِدٍ
يُلْقَى بِهِ نَحْوَ الْـمُعَرْبِدِ قُمْقُمُ
في الْأَرْضِ نُولَدُ مُمْسِكِينَ بِثَأْرِنَا
كَالْقَابِضِينَ عَلَى جِمَارٍ تَضْرَمُ
نَعْدُو بِنَارٍ فِي بِلَادِ جُدُودِنَا
لِشَّهَادِةٍ، وَبِهَا الْصَبِيُّ مُتَيَّمُ
وَإِذَا زَفَفْنَا كُلَّ غَرْسٍ لِلشَّهِيـ
ــدِ نَمَا لَهُ أَلْفٌ يَثُورُ، وَبُرْعُمُ
يَا أَيُّهَا الطِّفْلُ الْفِلِسْطِينِيُّ نَحْـ
ــنُ لِجَهْلِنَا أَهْلٌ، وَأْنْتَ مُعَلِّمُ
أَرَأَيْتَ رَايَةَ نَصْرِهِ مِنْ تَحْتِ أَنْــ
ــقَاضِ الْقَنَابِلِ كَالْفَوَارِسِ تُقْدِمُ
بِيَدَيْهِ يُنْقِذُ دُمْيَةً مَقْهُورَةً
تَحْتَ الْجِرَاحِ، وبَيْتُهُ يَتَهَدَّمُ
وَشَهِيدُ (غَزَّةَ) يَا لَنَارِ سَمائِهِ
وَدِمَاؤُهُ بِدِمَائِنَا تَسْتَعْصِمُ
انْظُرْ(لِـمَرْيَمَ بِنْتِ عَسَّافٍ) هَيَ الْـــ
ـأُخْرَى (لِـمَرْيَمَ) في التَّبَسُّمِ تَوْأَمُ
أَرَأَيْتَ يَوْمًا وَرْدَةً مَا بَيْنَ أَقْــــ
ــــدَامِ الْجُنُودِ زِنَادَ نَارٍ يَبْسَمُ
صُّبْحُ الشِّفَاهِ الْـمَرْيِمِيَّةِ مُشْرِقٌ
وَاللَّيْلُ مِنْ بَسَمَاتِهَا لَا يَظْلَمُ
بَسَمَاتُهَا أَيْقُونَةٌ، وَالْوَرْدُ دُو
نَ جَمالِ بَسْمَتِهَا يَضِيعُ، وَييْتَمُ
يَا بِنْتَ (حِيفَا) ثَارَ بَحْرُكِ هَائِجًا
وَرُؤُوسُنَا في شَطِّهِ تَتَهَوَّمُ
وَرَفَعْتِ رَأْسَكِ لِلسَّمَاءِ، وَنَحْنُ مِنْ
عَارٍ عَلَى أَرْضِ الْـمُرُوءَةِ نُوَّمُ
مُتَخَاذِلِينَ مُطَأْطِئِينَ رُؤُوسَنَا
وَيَحُوطُ بِالْخُذَّالِ بَرٌّ أَيْهَمُ
وَأَهَنْتِ أَغْلَالًا لِأَوْغَادٍ إِذَا
مَا أَجْرَمُوا؛ فَعَلَى الذَّبِيحِ تَجَرَّمُوا
اشْطُبْ بُطُولَاتِ الرِّجَالِ، فَمَجْدُهُمْ
يَخْبُو أَمَامَ الْـبَاسِمَاتِ، ويَقْزُمُ
وَإِذَا بَحَثْتَ مُفَتِّشًا عَنْ قُدْوَةٍ
(فَالْـمَرْيِمَانِ) هُمَا الْـمِثَالُ الْأَعْظَمُ
وَاذْكُرْ شَهِيدَ (اللِّدِّ) أَدْمَى أُمَّةً
أَرَأَيْتَ عِطْرًا في حَيَاتِكِ يَكْلُمُ؟
شَجَّ الْقُلُوبَ النَّائِحَاتِ بِفَقْدِهِ
وَعَلَيْهِ شَلَّالُ الدُّمُوعِ مُرَحِّمُ
نَشْتَمُّ مِنْ طِيبِ الْبَّسالَةِ عِطْرَهُ
وَشَذَاهُ في جَنَّاتِهِ يَتَنَعَّمُ
أَبْكَيْتَ يَا (مُوسَى) شَغَافَ قُلُوبِنَا
وَبُكَاءُ أَدْمُعِنَا دَمٌ يَتَرَحَّمُ
صُفِّيتَ غَدْرًا يَا شَهِيدَ قَدَاسَةٍ
وَفَمُ الْعُرُوبَةِ عَاجِزٌ، وَمُلَجَّمُ
إِنَّ الْكِلَابَ اسْتَوْطَنَتْ جَنَّاتِنَا
وَتَعِيثُ قَتْلًا، وَالْجَرَائِمُ تَعْظُمُ
سَرَقَتْ (فِلَسْطِينَ) اسْتَبَتْ أَنَفَاسَهَا
وَيُبِيدُنَا سَرَطَانُهَا الْـمُتَوَرِّمُ
وَأَبُوكَ يَصْرُخُ: (رُحْتَ يَا (مُوسَى))، وَفِي
أَعْمَاقِنَا يَدْوِي الصَّدَى الْـمُتَرَنِّمُ
لَا تَبْتَئِسْ يَا عَمِّ؛ ضَنْوُكَ رَاغِدٌ
في مَنْزِلٍ أَبْهَى يَعِيشُ وَيَنْعَمُ
أَدِّ التَّحِيَّةَ لِلشَّهِيدِ، وَرُوحِهِ
قَدْرُ الشَّهِيدِ مِنَ الإِلَهِ مُعَظَّمُ